مرجان العالم في خطر

بسم الله الرحمن الرحيم

اردت ان الفت انتباهكم الى موضوع مهم لا يلقى منا اهتماما كبيرا سوى مانجنيه منه من ثروة بينما بقائه قد يعوضنا ضعف هذه الثروة و هي الحياة البحرية بأكملها



خلصت اول دراسة كونية لتقييم خطر انقراض المرجان في العالم الى ان خطر الانقراض بات يهدد ثلث انواع المرجان. و قال الباحثون الذين نشرو نتائج دراستهم في مجلة "ساينس" : ان التهديدات الرئيسية تأتي من تغير المناخ و تطوير السواحل و الصيد المفرط و التلوث و تقدر القيمة الاقتصادية للحيود المرجانية على مستوى العالم بأكثر من 20 بليون دولار سنويا ، من خلال السياحة و المصايد و حماية السواحل.

و يقول البروفيسور الكس روجرز الخبير بجمعية علم الحيوان في لندن و احد من 39 عالما شاركوا في انجاز الدراسة ان : "الصورة مروعة، و يعود ذلك ليس فقط لحقيقة ان نحو ثلث انواع المرجان المكونة للحيود باتت مهددة ، بل ولأننا يمكن ان نواجه فقدان مناطق شاسعة من هذه الأنظمة الإيكولوجية خلال 50 او 100 عام. و يضيف : و ستكون تداعيات ذلك صاعقة تماما ، ليس فقط للتنوع الحيوي بل و بالنسبة للإقتصاد ايضا ". و بينت الدراسة ان المرجان الباني للحيود يتهدده خطر اكبر من اي خطر يتهدد اي كائنات تعيش على اليابسة باستثناء البرمائيات . و كان التراجع الأكثر دراماتيكية في السنوات الأخيرة قد سببته ظاهرة النينو في 1997/1998 التي ادت الى ارتفاع درجة حرارة المياه في مساحات شاسعة من المناطق المدارية و عندما ترتفع درجة حرارة المياه ، تطرد البولبات المرجانية(الحيوانات الدقيقة التي تشيد الحيود) الطحالب التي تعيش معها عادة في علاقات تكافلية ، و يفقد المرجان لونه و يبدأ اللون الأبيض يطغى على الحيود و يبدأ المرجان في الموت لأن الطحالب التي توفر له العناصر الغذائية لم تعد هناك. و بين التحليل الجديد انه قبل العام 1998 كان هناك 13 نوعا فقط من انواع المرجان المعروفة التي جرى تقييمها و عددها 704 يمكن وصفها بالمهددة.

اما الأن فإن عددها 231 نوعا. و يقول كنت كاربنتر الأستاذ بجامعة اولد دومينيون في نورفولك بولاية فرجينيا الأمريكية : "كان حدثا مدمرا في ما يتعلق بتدمير المرجان ، حيث تعرضت 16 % من الحيود المرجانية لدمار لا يمكن تعويضه" . و يضيف : "و المشكلة الكبرى انه اذا اصبحت حوادث موت المرجان اكثر تكرارا مع ارتفاع درجات الحرارة و هو ما نشك انه سيحدث فإننا سنشاهد موت مساحات شاسعة من المرجان". و علاوة على ذلك فقد ادرك العلماء في السنوات الأخيرة ان حموضة المحيطات آخذة في الإزدياد فالمياه تقوم بامتصاص بعض من ثاني اكسيد الكربون الزائد في الجو وهو مايجعلها حامضية قليلا ، بدرجة تكفي لتقويض قدرة المرجان على بناء هياكله الصلبة، و القواقع على بناء اصدافها و يقول البروفسور كاربنتر : "نعرف ان درجة الحرارة المرتفعة لسطح أعالي البحار امر سيء للمرجان، غير ان لدينا ايضا تصورا ان بعضه ربما يكون قادرا على التكيف". و يضيف : "لكن حامضية المحيطات اكثر ضررا بكثير فنحن لا نعلم الى اي مدى ستكون سيئة، لكن الأدلة تشير الى انها ستكون مدمرة ، ربما خلال عقود و ربما خلال سنوات.!"

و اشارت الدراسة بأصابع الإتهام الى الصيد المفرط في مناطق عديدة و خاصة باستخدام الديناميت في شرق آسيا و شبكات الترول( شباك صيد مخروطية تسحب عبر قاع البحر) الذي يحول الحيود المرجانية الى ركام و استخراج مواد البناء من الحيود المرجانية و النمو العمراني في المناطق الساحلية و الأنواع الغازية و التلوث و يكشف الوضع في الكاريبي كيف تضافرت كل تلك العوامل معا، فالتطور العمراني للسواحل و الزراعة انتج دفقا ادى بدوره الى نمو انواع من الطحالب تكبح نمو المرجان. و في الوقت نفسه، يجمع الصيادون الأسماك التي تتغذى عادة على هذه الطحالب. و هكذا يسقط المرجان ايضا فريسة للأمراض مثل مرض الطوق الأبيض الذي اصاب مرجان قرون الإلكة و مرجان قرون الأيائل ، لكن موقف العديد من العلماء و النشطاء البيئين يتمثل في ان هذه المشكلات اسهل حلا من المد المتزايد لانبعاث غازات الاحتباس الحراري. لذا فإن الجهود يجب ان تتركز في هذا الإتجاه و على طول الحيد المرجاني العظيم في استراليا، اعلنت مساحات شاسعة من المناطق الساحلية محميات طبيعية و فرض تقليص كبير على استخدام المخصبات على اليابسة من اجل تخفيض التلوث.

يذكر ان نحو ربع انواع الكائنات البحرية يعتمد في مرحلة من نموه على المرجان و تعيش اسماك كثيرة حياتها كلها بين الحيود المرجانية . بينما تعتمد عليه انواع اخرى كمناطق للتفريخ. و من ثم اذا مات المرجان فستموت هذه الأسماك و سيتسبب فقدان المرجان في خسائر اقتصادية فادحة . و رغم ان التقييم المالي للأنطمة الايكولوجية ابعد عن ان يكون علما دقيقا فان تقييما اقتصاديا نشره منذ عامين برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة قد خلص الى ان الحيود تقدم خدمات تتراوح قيمتها مابين 100 الف و 600الف دولار لكل كيلومتر مربع سنويا. و هذا مايضع القيمة الكلية للحيود المرجانية على مستوى الكوكب بين 30 بليونا و 180 بليون دولار و في بعض المناطق مثل سيريلانكا، تتجاوز القيمة الفعلية عشرة اضعاف المعدلات العالمية و خلص التقييم نفسه الى ان حماية الحيود المرجانية لن تتجاوز تكلفتها 0.2% من القيمة التي تولدها.