قراءة فى كتاب إتحاف الصديق بعلاقة آل البيت بالصديق
الكتاب من إصدارات جمعية الآل والأصحاب بالبحرين والكتاب موضوعه القرابة والعلاقات بين أبى بكر الصديق وأهل البيت المزعومين لأن أهل البيت الأصلاء هم زوجات النبى(ص) وبناته وعلاقته بهم حسب التاريخ أنه كان أبا واحدة من الزوجات وأما آل البيت فى المصطلح الشيعى فيقصد بهم أهل البيت العلوى ومعهم فاطمة وحدها
والغريب أن تلك العلاقات ليس عليها دليل واحدد فى من الوحى الإلهى فلا ذكر لأبى بكر ولا لفاطمة ولا لعلى ولغيرهم بالأسماء الصريحة فى الوحى وكل ما تعلمناه هو من كتب الروايات التى هى أحاديث آحاد لا يمكن التيقن من صحة نسبتها للنبى(ص) من عدمه ومن ثم فكل المعارك الحربية والكلامية قامت على شىء ليس من الإسلام قامت على شىء ظنى مع أن وحى الله يؤكد على حرمة العمل بالظن فيقول :
" إن الظن لا يغنى من الحق شيئا"
الكتاب من إصدار جمعية يبدو أن مهمتها التقريب بين الشيعة والسنة فالجمعية من خلال الروايات تحاول إثبات أن الطرفين الصديق والبيت العلوى كانوا على علاقة حسنة ببعضهم البعض
وقد استهلت الجمعية الحديث بأن المؤمنون الصحابة كلهم فى الجنة وأن من المحرم سب أيا منهم فقالت :
"وبعد:
"لعل من المسائل التي غفل عنها المسلمون تذكر سير الصالحين من جيل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وما يقتضيه من محبة وقربة إلى الله عز وجل. والعجب ممن استعاض بغير القرآن والسنة وهدي السلف سبيلا لمعرفة الحقيقة. فهذه آيات الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم خير شاهد على منزلة هذا الجيل المثالي الذي اختاره الله عز وجل لخير أنبيائه، فلا أدل على هذا من قوله عز وجل: ((والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم – التوبة 100
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)). وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ، ثم الذي يلونهم)). وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون ؛ لأنهم آمنوا به حين كفر الناس ، وصدقوه حين كذبه الناس ، وعزروه ، ونصروه ، وآووه ، وواسوه بأموالهم وأنفسهم ، وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوهم في الإسلام. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((الله الله في أصحابي الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه ))."
والأحاديث التى استشهدت بها الجمعية مخالفة لكتاب الله فأولها يستبعد أن يدرك أحد من المتأخرين مكانة المؤمن الصحابى وهو ما يخالف أن من المتأخرين من يماثل الصحابة المؤمنون فى المكانة سواء المكانة العالية وهى المقربين المجاهدين أو المكانة ألقل وهى مكانة القاعدين وهم أهل اليمين وفى هذا قال تعالى :
"والسابقون السابقون أولئك المقربون فى جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الأخرين "
وقال :
"وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين فى سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الأخرين"
وثانيها وقع فى نفس الخطأ وهو كون الصحابة المؤمنون فى عهد خاتم النبيين(ص) خير القرون
ومن ثم الخيرية موجودة فيهم كما هى موجودة فيمن بعدهم على حسب نفس القاعدة وهى الجهاد كما قال تعالى :
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
وحدثتنا الجمعية بروايات نسبت للطرفين الشيعة والسنة على وجوب حب أبو بكر وعمر فقالت :
"ولا شك أن الخلفاء الراشدين على رأس هذا الجيل المثالي، وقد وقف السلف الصالح رحمهم الله على هذه الحقيقة فشهدت بذلك كلماتهم.
ويقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : ((حب أبي بكر وعمر ، ومعرفة فضلهما من السنة . وروى ذلك أيضا عن مسروق وطاوس والشعبي)).
وهذا الحسن سئل : ((حب أبي بكر وعمر سنة ؟ قال : لا ، فريضة)).
وعن جعفر الصادق رحمه الله قال: ((من لا يعرف فضل أبي بكر وعمر فقد جهل السنة)).
فعن الفضيل رحمه الله قال: ((أوثق عملي في نفسي حب أبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح ، وحبي أصحاب محمد عليه السلام جميعا)).
وعن خالد الواسطي قال : ((سمعت أبا شهاب ، يقول : لا يجتمع حب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم إلا في قلوب أتقياء هذه الأمة)).
ويقول الإمام مالك رحمه الله : ((كان السلف يعلمون أولادهم حب أبي بكر وعمر ؛ كما يعلمون السورة من القرآن)).
وعن أبو مسعود الرازي رحمه الله قال: ((وددت أني أقتل في حب أبي بكر وعمر))."
وكل هذه الروايات ليست من الدين وإنما هى آراء شخصية لأن الله لم يقلها وأما حب وكره المؤمن فلم يوجب الله على المسلمين تجاه بعضهم الحب وإنما أوجب العدالة فى التعامل فيما بينهم ومن ثم تحدث عن أن الكراهية قد تقع بينهم فى الدنيا مثل كراهية الرجل لزوجته وفيها قال تعالى :
"وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا"
وبين أن الكراهية التى تقع بين بعض المسلمين نتيجة حوادث معينة لا تزول إلا فى الجنة وفى هذتا قال تعالى :
"إن المتقين فى جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما فى صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين"
إذا الحب والكراهية لم يوجبهم الله وإنما أوجب العدل فى التعامل فقال :
"اعدلوا هو أقرب للتقوى"
وحدثتنا الجمعية عن أبى الصديق وفضائله فقالت:
"أبو بكر الصديق رضي الله عنه
هوعبد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب ابن لؤي القرشي التيمي، يلتقي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كعب بن لؤي. ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر. أول من أسلم من الرجال وأسلم على يديه أكابر الصحابة كعثمان بن عفان، وطلحة، والزبير، وعبدالرحمن بن عوف، وأبو عبيدة، رضي الله عنهم أجمعين. تزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ابنته عائشة رضي الله عنها. توفي - رضي الله عنه - في جمادى الآخر سنة 13هـ ودفن بجوار النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانت مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر.
جاءت في فضله رضي الله عنه أحاديث كثيرة ، فعن أنس - رضي الله عنه - قال: ((صعد رسول الله أحدا ومعه أبوبكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال: اثبت أحدا، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان)). "
وهذا الحديث مخالف لكتاب الله فالنبى(ص) لا يعلم الغيب وهو استشهاد اثنين ممن معه على الجبل وهما عمر وعثمان كما قال تعالى على لسانه:
"ولا أعلم الغيب"
ثم قالت :
"ففي هذه الرواية سماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصديق وقد جاء عن الإمام الباقر رحمه الله أنه سئل عن حلية السيف فقال:
((لا بأس به، قد حلى أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - سيفه، فقيل له: فتقول الصديق؟ قال: فوثب وثبة واستقبل القبلة، وقال: نعم الصديق، نعم الصديق، نعم الصديق، فمن لم يقل له: الصديق فلا صدق الله له قولا في الدنيا ولا في الآخرة)).
وكان الصديق - رضي الله عنه - من أمن الناس صحبة وذات يد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. حيث كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقضي في مال أبي بكر كما يقضي في مال نفسه. فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر. وقال: إن من أمن الناس علي في صحبته وذات يده أبوبكر. حتى ذكر الله عزوجل صحبته في كتابه الكريم: إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها –
وعن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن أبا بكر منى بمنزله السمع ))
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (( أنا لنرى أبا بكر أحق الناس بها – أي الخلافة-، إنه لصاحب الغار ، وثاني اثنين ، وإنا لنعرف له سنه ، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وآله بالصلاة وهو حي))
وقد تزوج علي رضي الله عنه من أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر رضي الله عنهما بعد وفاته وربى أبنه محمد وكان يقول: هو إبني من ظهر أبي بكر. وكان أبو بكر رضي الله عنه قد بعثها لرعاية فاطمة رضي الله عنها في مرضها، ثم غسلها وتكفينها بعد وفاتها رضي الله عنها. وفي هذا رد على من زعم أنها مرضت وتوفيت ودفنت ليلا دون علمه رضي الله عنها لخلاف مزعوم بينهما. كيف وهو القائل رضي الله عنه مخاطبا علي وفاطمة رضي الله عنهما: ((والله ما تركت الدار والمال، والأهل والعشيرة، إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله ومرضاتكم أهل البيت)). وقال كما يروي البخاري: ((والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحب إلي من أن أصل من قرابتي. وقال: ارقبوا محمدا في أهل بيته)).
وروى البخاري أيضا: صلى أبو بكر - رضي الله عنه - العصر، ثم خرج يمشي، فرأى الحسن يلعب مع الصبيان فحمله على عاتقه وقال: بأبي شبيه بالنبي لا شبيه بعلي وعلي يضحك. وفي رواية: بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بليال، وعلي يمشي إلى جانبه. وفي هذه الرواية أيضا رد على من زعم إعتزال علي للصديق رضي الله عنهما.
فلا جرم إذا أن يقول فيه في صاحبه الفاروق رضي الله عنهم: ((لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري)).
وهذا ابنه الحسن رضي الله عنه اشترط في صلحه مع معاوية أن يعمل بسيرة الشيخين حيث قال: ((بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان : صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمر المسلمين ، على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسيرة الخلفاء الراشدين – وفي رواية الصالحين. وقد ذكر هذا الكثير من علماء الفريقين)).
وعن إبن عباس رضي الله عنهما قال: ((رحم الله أبا بكر ، كان والله للقرآن تاليا ، وعن المنكرات ناهيا ، وبذنبه عارفا ، ومن الله خائفا ، وعن الشبهات زاجرا ، وبالمعروف آمرا وبالليل قائما وبالنهار صائما ، فاق أصحابه ورعا وكفافا ، وسادهم زهدا وعفافا ، فغضب الله على من أبغضه وطعن عليه)). "
ومضمون هذه الأحاديث المروية عن صلاحية الصحابة المؤمنين أمر مسلم به وأما كونها من ضمن الدين فلا فالدين ليس فيه آراء شخصية لأن الله وحده هو من يقول وليس الناس مهما كانت منزلتهم وعقيدة المسلم فى الصحابة المؤمنين هى :
أن الله رضى عنهم ورضوا عنه ولا يزيد ولا ينقص على ذلك فلم يذكر الله شىء عن أفضلية شخص باسمه وإنما كلام الله كلام عام فيهم
تحدثت الجمعية أن أهل البيت العلوى سموا أولادهم باسم أبى بكر وهو ما يدل على حسن العلاقة بينهم فقالت:
"وقد سمى الكثير من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبنائهم باسم أبو بكر حبا ووفاء له، فهذا علي - رضي الله عنه - سمى أحد أبنائه بأبي بكر ، وكذا الحسن بن علي سمى أحد أبنائه بأبي بكر. ولم يخالفهم في ذلك الحسين - رضي الله عنه - ، فقد سمى أحد أبنائه بأبي بكر, وهؤلاء جميعهم من الذين استشهدوا يوم كربلاء مع الإمام الحسين رضي الله عنه.
وكذلك شأن ابنه زين العابدين رحمه الله الذي أحب أن يكنى بأبي بكر.
وسئل حفيده الصادق رحمه الله: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله ما تقول في أبي بكر وعمر ؟ فقال: ((هما إمامان عادلان قاسطان كانا على الحق وماتا عليه فرحمة الله عليهما يوم القيامة)).
وكان يقول مفتخرا: ((ولدني أبو بكر مرتين))
وذلك أن أمه هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأمها هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين.
والأمر فيه طول وفيما ذكرنا كفاية لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد"
وكل ما على المسلم الحالى ألا يذكر أحاديث الفتنة التى يتمسك بها الناس لكراهية أو حب فلان أو علان فكما سبق القول :
كل من تحكى الروايات عنهم ماتوا ولن نحاسب على عملهم كما لن يحاسبوا على عملنا كما قال تعالى عن الخلاف بين أهل الأديان فى شخصية إبراهيم(ص) وأولاده :
"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون"
ومن لهم منفعة فى افتراق الأمة هم من يثيرون تلك العداوات