نظرات فى الخطبة البليغة
الخطيب أحمد بن زين الدين الإحسائى وهو مؤسس أحد المذاهب الشيعية التى خلطها بالسنة والصوفية وهو مذهب تبرأ منه الشيعة وهو يسمى المذهب الأوحدى وقد استهل الخطبة بالتالى:
"الحمد لله الملك المنان القديم الاحسان الذي لا من شيء كان ولا من شيء كون الأكوان عظيم السلطان كان كنزا مخفيا في مسرات غيوب قدسه لا يعلم كيف هو في سر ولا علانية إلا بما دل على نفسه .
فلما أراد ان تعرفه العباد إستعبدهم بخالص التوحيد فظهر لهم بذواتهم ، واحتجب عنهم بجهالتهم ، فعرفوه بما دلت ذواتهم عليه ، ووحدوه بما خلقهم عليه .
فخلق ثانيا بإجابتهم وإنكارهم حقائقهم ، وأوضح بها لهم طرائقهم ، فعملوا بأعمالهم كما جعلوا له ، وعطفوا بإختيارهم على ما يسروا لما خلقوا له ، فكان منهم الشقي والسعيد فجروا في إختيارهم وأعمالهم على ما يريد ، فكان منهم ما علم منهم ، وهو على كل شيء شهيد."
وكما قرأتم فالكلام غامض ككلام معظم الصوفية حتى أن حديث كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف استدل به وهو يعارض كتاب الله فى سبب الخلق وهو ابتلاء الناس أيهم احسن عملا كما قال تعالى :
" الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا"
فلو كان الله يحب أن يعرفه الخلق لكان عنده نقص تعالى عن ذلك علوا كبيرا
والخطأ الثانى ظهور الله فى ذوات الخلق وهو ما يسمى بالحلول والاتحاد وهو ما يخالف أنه ليس مثل خلقه
والخطأ الثالث أنه خلق الخلق مرتين حيث خلق حقائق المخلوقات ثانيا كما قال بعد أن خلقهم وهو كلام لا يقوله عاقل
ثم قال :
"وأشهد انه الله الذي خلق ما خلق ، وجعل ما جعل ، عن أمر.. مبرم وقضاء محكم ، وعلم متقن ، يسر العباد للذي أراد ، فابتدأهم بفضله ، وقسم بينهم بعدله ، فأعطى كل ذي حق حقه ، وساق الى كل مخلوق رزقه ، فبذلك سعد سعيدهم وشقى شقيهم ، ولذلك خلقهم ، فتمت كلمته وبلغت حجته ، وما ربك بظلام للعبيد ..."
الخطأ أن الناس سعد سعيدهم وشقى شقيهم بالرزق مع أن السعادة والشقاوة تكون بالعمل الصالح والعمل السوء كمما قال تعالى :
ثم قال :
"وأشهد أن محمدا عبده المقرب ورسوله المنتجب أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، فصدع بالحق المبين وعبد الله مخلصا حتى أتاه اليقين فصلى الله عليه وآله الطاهرين السائرين على منواله المقتفين لأقواله وأفعاله..."
والخطأ أن محمد(ص) وحده هو عبده المقرب ورسوله المنتجب وهو ما يخالف أن المسلمين منهم طائفة المقربين وهو السابقون إلى الجهاد كما قال :
والسابقون السابقون أولئك المقربون"
ونصح الحضور بتقوى الله متحدثا عما حدث للسابقين فقال :
"عباد الله..اوصيكم ونفسي الخاطئة أولا بتقوى الله قاصم الجبارين ومدرك الهاربين ... وبادروا الى الطاعة قبل فوات الاستطاعة ، ولا تركنوا الى الدنيا فان نعيمها حائل وظلها زائل ...
وإعتبروا بمن كان قبلكم ، رحلوا منها بالرغم منهم ، لم ينالوا منها المنى ، ولم تنقض حوائجهم . ثم انزلوا في حفر البلى بين الأحجار والثرى ، وتركوا ما جمعوا لم يتنعموا ولم ينتفعوا .. [ كم تركوا من جنات وعيون الله وزروع ومقام كريم الله ونعمة كانوا فيها فاكهين الله كذلك وأورثناها قوما آخرين ] .
وذلك لانهم تركوا أوامر الله وضيعوا حدود الله ورغبوا في الدنيا فنزع الله نعيمها منهم وأخذهم أخذ عزيز مقتد .. [ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ] .
عباد الله إحذروا أخذ الله واتقوا عذاب الله ..واحذروا الساعة فانها أمامكم ..ان الله تعالى يقول : [يا ايها الناس إتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم الله يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد]."
الخطأ أن الرجل علم موعد الساعة بقوله" واحذروا الساعة فانها أمامكم" فموعد الساعة لا يعلمه سوى الله وحده كما قال:
" إلى ربك منتهاها"
وتحدث عن القيامة وما يحدث فيها فقال :
"واعلموا ان هذا اليوم من أيام الله قد أعده للفصل من العصاة وهو الذي قال فيه :[ إن لدينا أنكالا وجحيما الله وطعاما ذا غصة وعذابا أليما الله يوم ترجف الارض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا ].
وهو يوم الطامة الكبرى [ يوم يتذكر الانسان ما سعى الله وبرزت الجحيم لمن يرى ] .
وهو يوم الصاخة [ يوم يفر المرء من أخيه الله وامه وأبيه الله وصاحبته وبنيه الله لكل إمرئ منهم يومئذ شأن يغنيه الله وجوه يومئذ مسفرة الله ضاحكة مستبشرة الله ووجوه يومئذ عليها غبرة الله ترهقها قترة ] ."
وعاد فكرر نصيحته بالتقوى فقال :
"عباد الله ..
إتقوا الله حق تقاته ..ولا تموتن إلا وانتم مسلمون .. واعلموا انكم لم تخلقوا عبثا ، ولم تتركوا سدى ، ولا تعيشون أبدا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وفتشوا عن ضمائركم ، وأعدوا زادا لهذا السفر الطويل ..وتأهبوا للرحيل ..وأعدوا جوابا لسؤال الجبار إذا كشف الاستار ، وتفقدوا قلوبكم وأصلحوها عن الحسد والبغضاء والدجل والحقد ."
ثم نصح فقال :
"وأصلحوا السنتكم عن الغيبة والنميمة والهمز واللمز والنبز بالألقاب المذمومة وتحابوا في الله يحببكم الله . وتواصلوا في الله يصلكم الله .[ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان الله واستعينوا بالصبر والصلاة الله واتقوا الله الذي إليه تحشرون ].. ."
وكررة نفس النصيحة بالتقوى فقال :
واتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون .. جعلنا الله وإياكم ممن أدركته الرحمة وحفظ عليهم أعمالهم بالعصمة انه هو الغفور الرحيم "
ثم تحدث عن كون الصلاة عن النبى(ص) هى أفضل عمل فقال:
"ألا وان افضل ما امرتم به وندبتم إليه وحثثتم عليه ما قال الله تعالى في كتابه هداية لكم وتعليما : [ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ] .."
وهو كلام يخالف كتاب الله فأفضل العمل الجهاد كما قال تعالى :
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
ثم ذكر صلوات على النبى (ص)والأئمة وغيرهم بكلام لم ينزل الله به سلطانا فقال :
"اللهم صل على محل مشية الله ومن قلبه وسع شؤون الله .. سر المعبود ومنبع الكرم والجود ومجمع الحقيقة الأولية وأصل الشجرة الكلية وخلاصة وساطة البرزخية وصاحب المحبة الحقيقية الطلسم المطمس والسر الأقدس والخاتم المخمس. المجتبى المؤيد والقصر المشيد والمرتضى المسدد والرسول المحمود المحمد أبي القاسم محمد ."
والخطأ أن محمد(ص) أصبح الإله لأنه مشيئة الله هى مشيئته وهو يعلم كل شئون الكون وهو ما نفاه النبى(ص) عندما أعلن أنه لا يعرف الغيب ولا يعرف ما يفعل به فقال:
" وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم"
ثم جعل محمد(ص) هو الله تعالى عن ذلك باعتباره مكلم موسة وفالق الحب والنوى ....فقال :
اللهم صل على مشكاة النور ومظهر الظهور وملتقى القدرة والمقدور ومكلم موسى من الطور ، كتاب الله الناطق والفرقان الفارق ، وصاحب النجم إذا هوى والسماء والطارق ، وفالق الحب والنوى ، المنادي بإذن الله الخالق ، الذي إليه مآب الخلائق وعليه حسابهم بالفصل الصادق ، العضد القوي الجابر والشاهد الرقيب ، الحاضر والماني في الموارد والمصادر والذائد للوارد والصادر والحافظ للمستخفي والسائر والرائد والقائد والناظر . قطب العجائب ، وجه الله الموجود في المشارق والمغارب ، صاحب الكتب والكتائب ، حجة الله على كل حاضر وغائب ، زين الموحدين وأصل اليقين ، ومشيد الدين ، أمير المؤمنين ابي الحسنين علي بن ابي طالب ."
وهذا كلام كله كفر فالصلاة لا تجوز على الله كما يصلى عليه وإنما الصلاة تجوز على المحتاج العاجز ومحمد(ص) ليس وجه الله ولا على هو مشيد الدين
الرجل جعل محمد(ص) وعلى هما الله نغوذ بالله من ذلك
ثم صلى على الذرية فقال:
"اللهم صل على البضعة السنية من خير البرية ، والدرة النقية من الحضرة القدسية ، والتفاحة الجنية صاحبة المصحف في الأحكام الوجودية ، مريم الكبرى ، والصلوة الوسطى وخامسة أهل العبا ، الصابرة على الأذى والبلوى ، والشاكرة على السراء والضراء ، الكاظمة على ما نالها من المحن والأذى ، المضروبة بسياط الاعداء ، المغصوبة تراثها بالحديث المفترى ، البتولة العذراء والانسية الحوراء ، ام السادة النجباء إبنة خير الورى ..ام الحسنين ..فاطمة الزهراء ."
وبالنبى(ص) له ذرية بنات وليس بنت واحد واحدة كما قال تعالى :
" وقل لأزواجك وبناتك"
ومن ثم فالصلاة على فاطمة وحدها لا تجوز لأن هذه تفرقة بين البنات الطاهرات
ثم قال :
"اللهم صل على نور المصباح وزجاجة النجاح ورابع الأشباح وروح الارواح وسبيل الفلاح لأهل الصلاح ،سيد شباب أهل الجنة وصاحب الكرم والمنة ، وحاقن دماء المسلمين ، وساد الفتنة ، ومولى الانس والجن ، مجمع الجود والمنن وحافظ الفرائض والسنن ، ولي الحق في السر والعلن ، الإمام المؤتمن ابن الإمام أخ الإمام سبط رسول الله أبي محمد الحسن .
اللهم صل على مظهر القدرة وسلالة الدرة ، قتيل الاسرة الممدود بالنصرة يوم الكرة ، عظيم الفجعة صريع الدمعة المنصور في (الرجعة) الذبح العظيم الذي حزن لمصرعه ابراهيم فقال لوجده اني سقيم ، وبكاه نوح والمسيح والكليم ، صاحب المصرع العظيم ، المبتلى بالخطب الجسيم المقاتل على حقه بلا مين ، صاحب المصيبة التي طبقت الخافقين ، قطيع الودجين وعفير الخدين المقتول يوم الاثنين ، مرجان البحرين ابن الاذن والعين والخيرة ابن الخيرتين ابي الائمة التسعة سبط رسول الله ابي عبد الله الحسين .
اللهم صل على البئر المعطلة الفاتح للأسرار المعضلة المبين للخفايا المشكلة المحتمل للنوائب المعضلة أسير الظالمين بالجوامع المثقلة العالم المكين والخاشع المستكين الباكي على أبيه طول السنين .. ذي الثفنات والتلوين الإمام بالنص والتعيين أبي محمد علي بن الحسين زين العابدين
اللهم صل على الوجه الزاهر ، والجنب الظاهر ، والسر اللائح على جميع المظاهر ، منهل الوارد والصادر ، الولي الظاهر على السرائر والعالم بالضمائر ، بحر العلم الزاخر وسحاب الرحمة الماطر ، سر المناسك والمشاعر ، الإمام بالنص الزاهر أبي جعفر الاول محمد بن علي الباقر.
اللهم صل على الإمام الناطق بالحق المبين الصادق ،المطلع على الحقائق بإذن الإله الرازق ، الموضح للطرائق ، حجة الله في المشارق والمغارب ، الإمام بالنص المطابق ابي عبد الله جعفر بن محمد الصادق
اللهم صل على الإمام العالم ، ركن الشرف والمكارم قطب المفاخر والمراحم ، الراكع الساجد القائم ابي الحسن الاول موسى بن جعفر الكاظم .
اللهم صل على مظهر الجود والمنة، ومجلي الفتنة وكاشف المحنة ومقيم الفرض والسنة ، ومولي الإنس والجنة ، مفجر الماء من الصخر الصماء ، ولي الفصل والقضاء قطب التسليم والرضا ، نور الله الظاهر في جميع الفضاء ، سيف الله المنتضى ، الإمام بالنص والقضاء ابي الحسن الثاني علي بن موسى الرضا .
اللهم صل على نور البلاد وهادي العباد ومقصد الوفاد والشفيع يوم التناد صاحب الجد والاجتهاد من ظهرت كرامته يوم الميلاد خزانة الملك الجواد الإمام بالنص المشاد ابي جعفر الثاني محمد بن علي الجواد .
اللهم صل على كاشف الظلمة ورافع الوصمة وغوث الامة وقطب العصمة ومبرئ الاكمه والابرص غياث المضطر المنادي كعبة الكرم البادي للحاضر والبادي صاحب الجود والايادي .. الإمام بالنص البادي ابي الحسن الثالث علي بن محمد الهادي .
اللهم صل على عيبة العلم ومعدن الحلم ومنبع الحكم ومشيد السلم الكوكب الدري والبدر المضيء صاحب الحسب العلوي والأصل الزكي والفرع العلي السيد التقي النقي الإمام الوفي حجة الله على المناوئ والولي الإمام الجلي أبي محمد الحسن بن علي العسكري .
اللهم صل على المولى المحمدي والأولى العلوي ، والأعلى الفاطمي ذي الجود الحسني، والوتر الحسيني ، والعلم الباقري ،والحكم الجعفري ، والفضل الرضوي ، والجواد الهادي بالنور العسكري ، والسر القدسي ، والقدر السبحاني ، والقضاء الجبروتي ، والاقتدار اللاهوتي والفيض الالهي ، المثل الأعلى ،والدعوة الحسنى ..
صاحب السيف واللواء ، والعقد والولاء ،نور الارض والسماء ، ماحي الأديان ، ومقيم دين الملك الديان ، وشريك القرآن ، وساطع البرهان وموضع نظر الرحمن ،وحجة الله في سائر الاكوان ، الإمام بالنص والبيان ابي القاسم بن الحسن العسكري صاحب العصر والزمان .
اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه واشدد أزره وقوي ظهره وطول عمره وأحيي به العباد ونور به البلاد وأدله من أهل العناد واجعلنا من المقبولين لديه ومن المستشهدين بين يديه إنك على كل شيء قدير.. "
وكل هذا الكلام من الصلاة على لأئمة وكونهم سادة فى الأخرة وفى الدنيا خطأ يخالف كتاب الله فى كون المسلمين اخوة ليس فيهم سيد فى قوله تعالى :
"إنما المؤمنون اخوة"
وقال فى الجنة :
" اخوانا على سرر متقابلين".
ثم قال :
"إن أفضل الكلام وخير الختام كلام الملك العلام ..
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ..
[ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ] فاذكروا الله يذكركم ، وسبحوه ومجدوه واستغفروه ، يغفر لكم ، إنه هو الغفور الرحيم.
ثم إن أيدينا مرفوعة بالسؤال وأعيننا ممدودة بالرجاء الى كرم ذي الجلال أن يعجل فرج وليه وإبن أوليائه ، وأن يضاعف النكال والعذاب بيديه على مبغضيه وأعدائه ، وأن يجعلنا من أنصاره وأودائه ، إنه أرحم الراحمين ."
ومقولة المهدى وهو المخلص أو الفادى ...وهى مقولة اخترعها الحكام الكفار لكى يشكت الناس على مظالمهم فى انتظار الذى لن يأتى أبدا ولا أحد سيغير العالم وحده لأن التغيير جماعى كما قال تعالى :
" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
وكما هى العادة دعا الرجل للحكام فى عصره فقال :
"ونسأل الله الكريم الذي يجيب السائلين ان يعين بالنصر والتوفيق والسلامة من أصبحنا تحت دولته وأن يعينه على طاعته وأن يلين قلبه بالرحمة لرعيته .. انه على كل شيء قدير .. وان يدفع عنه وعن اعوانه شر أهل زمانه انه هو القريب المجيب . ونسأل الله الكريم من فضله العميم.."
ثم حمد الله بكلام غامض ليس موجودا فى الوحى فقال :
"الحمد لله الحي القيوم الباقي الديموم ، الذي غيره لا يدوم ، القادر على إعدام الموجود وإيجاد المعدوم ، الذي فتق العمق الأكبر ، وبرأ فيه ما شاء وقدر، وأجرى من ينابيع فوارة النور من مصادر الظهور .
وفجر وأودق من سحاب العماء وشجر المزن بين الارض والسماء نطفا مقدرة لحياة كل معلوم ، فمآل حكم الاطلاق فوق حلم الارفاق فوق طعم الاذواق ، فوق ضم الاشواق ، فوق رأس الموهوم ، فكان رسم الآثار ، تحت إسم الانوار ، تحت ضم الاسرار،تحت حكم الاقدار، تحت قيومية الاظهار ، من عطاء الكنز المكتوم . فأدار الأفلاك بمقدسين من الاملاك عن مرسوم الصكاك ،وزينها بالشمس والقمر والنجوم وقدر الأقوات ،وفتق رتق السموات ،وفتق الارض بالنبات ، وأرساها بالجبال الراسيات ، وجعل على متنها البحار الزاخرات ، وحمل ثقلها على كواهل النجوم .
وأشهد انه الله الذي لا إله إلا هو الذي ملأ الدهر قدسه ، والذي يغشى الأبد نوره ، والذي أفاض الوجود وجوده ، فاظهر الغيب شهوده ، وانتظمت ذرات الوجود حدوده . القائم الذي لا يعيى والذاكر الذي لا ينسى والدائم الذي لا يفنى ،والسرمدي الذي لا يتناهى ، والعجيب الذي لا يغايا ، ولي التدبير ومقدر التقدير لا إله إلا هو إليه المصير وكل شيء عنده يجري الى أجل مسمى معلوم .
وأشهد أن محمدا (ص) عبده ورسوله جعله كلمته التامة ورحمته الواسعة العامة فصدع ما أمر بتبليغه وأسس قواعد الدين ببيان الحق المبين وعبد الله مخلصا على بصيرة هو ومن إتبعه من المؤمنين حتى أتاه اليقين فصلى الله عليه وآله الطاهرين التابعين لسيرته الحافظين لسريرته الى يوم الدين ."
وهذا الكلام عن تشييد محمد(ص) لقواعد الدين يناقض ما سبق أن قاله عن تشييد على للديبن والكل يخالف أن الله هو من شرع الدين كما قال :
" شرع لكم من الدين"
وعاد الأحسائى لنفس النصيحة وهى التقوى فقال :
"عباد الله ..اوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله والخوف من مقام الله فان الله وعد الخائفين مقامه بالجنة قال سبحانه :[ وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ]
فاستنجزوا وعد الله بالخوف من مقامه ونهي أنفسكم عن هواها فانها أمارة بالسوء وارغبوا فيما عرض لكم به من مبذول فضله بالقيام بأوامره ونواهيه ولا تغتروا بالدنيا فان خيرها حائل ونعيمها زائل ..
واعتبروا بمن كان قبلكم ممن كان أطول منكم أعمارا وأعمر ديارا وأشد قوة وآثارا كيف لعبت بهم حين خرجوا من انس القصور وأسكنتهم موحشات القبور ، فقوظوا من غير إستعداد ، بلا سلامة ولا زاد فكأنما كانوا على ميعاد ، وتركوا ما جمعوا وراء ظهورهم يتهنأ فيه من لم يحبوا فكان المهنا لغيرهم والوزر على ظهورهم ألا ساء ما يزرون .
فيسالون عما جمعوا وخلفوا من أين اكتسبوا وفيما أنفقوا ؟ ولما إدخروا ولم جمعوا ما لم يأكلوا ؟ فيعوزهم الجواب وقد أسلمتهم الأخلاء والأحباب وتنطق عليهم جوارحهم بما فعلوا وعلى تبعات ما عملوا حصلوا."
والخطأ هو سؤال الناس عن أعمالهم ومنها ذنوبهم وهو ما يخالف أن الله ر يسأل أحد عن ذنبه كما قال :
"فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان"
ثم تحدث عن أحوال الناس فى الحشر فقال :
"فليت شعري ما حالهم حيث قدموا على ربهم ، فكم من متمن منهم الرجوع ، وكم ساكب منهم الدموع ، وكم نادم حيث لا يجدي الندم ، وكم من قادم من أعماله على العدم ..حتى إذا نفخ في الصور ، وبعث من في القبور { هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت وردوا الى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون }.
هذا وقد وقفتم على أخبارهم وسكنتم في ديارهم ..وتدثرتم بدثارهم ونكحتم نسائهم وملكتم أموالهم وعملتم أعمالهم [ وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الامثال ] ، [ فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا ] كأنكم لا تعلمون ولا بأخبارهم تسمعون ..وأنتم ساهون لاهون وعن ريب المنون غافلون ..
فهل أنزل الله عليكم كتابا فيه النجاة ؟ أم أتتكم براءة في الزبر من الله ؟ أم لا تعلمون بما يراد بكم ؟ أم تهاونتم بوعيد ربكم ؟ [ إن عذاب ربك لواقع الله ما له من دافع ] ..اي وربي انه لحق وما انتم بمعجزين ."
ثم طالب الحضور بالتوبة فقال :
"فبادروا -رحمكم الله- الى التوبة قبل أن يغلق الباب ..وسارعوا الى التدارك قبل أن يضرب الحجاب.. وأكثروا من العمل قبل حضور الاجل ..وأكثروا من ذكر الموت وإستعدوا لحلوله ..فانه لا يأتي إلا بغتة ..حيث لا إقالة لمستقيل ولا رجعة .
واعلموا انه يأتي بسعادة الأبد او شقاء لا تنفد ..وأنتم على إحدى الحالتين قادمون ولحياض المنايا واردون ..فاختاروا لانفسكم إحدى الدارين وسترونها رأي العين ..اما دار نعيم مقيم أو دار عذاب اليم ..جعلنا الله وإياكم من المقسطين التائبين ."
وهذا الكلام عن كون العمل سبب السعادة والشقاء يخالف ما قاله عنهم فى الخطبة ألأولى
ثم طالب الناس بالدعاء فقال :
"ألا وإن هذا اليوم يوم حرمته عظيمة وبركته مأمولة والمغفرة فيه مرجوة وأبواب السماء فيه للاجابة للداعين مفتوحة فاكثروا ذكر الله وتعرضوا لثوابه وادعوه يستجب لكم واستغفروه يغفر لكم فانه جواد كريم غفور رحيم ."
وختم الخطبتين بكلام الله فقال :
"إن أحسن الموعظة وأبلغ القصص كلام الله....
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..
[ بسم الله الرحمن الرحيم الله والعصر الله ان الانسان لفي خسر الله الا ألذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ]. .واستغفر الله لي ولكم ..انه هو الغفور الرحيم ... وصلى الله على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين