ثمرة الدعاء مضمونة_بإذن الله_قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل، أو كفّ عنه من سوء مثلَه؛ ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم). رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من مؤمنٍ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لله يسأله مسألةً إلا أعطاه الله إياها، إما عجّلها له في الدنيا، وإما ذخرها له في الآخرة، ما لم يعجل).
قالوا: يا رسول الله وما عَجَلَتُه؟ قال: (يقول: دعوت ودعوت ولا أراه يُستجاب لي). أخرجه أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
ففي الحديثين السابقين وما في معناهما؛ دليل على أن دعاء المسلم لا يُهمل، بل يُعطى ما سأله إما مُعجلاً، وإما مُؤجلاً.
قال ابن حجر رحمه الله: (كلُّ داعٍ يُستجاب له، لكن تتنوع الإجابة؛ فتارةً تقع بعين ما دعا به، وتارةً بعِوَضِه). ا_
ومن فضائل الدعاء: أنه سبب لدفع البلاء قبل نزوله، ورفعه بعد نزوله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يغنى حذرٌ من قدرٍ، وإن الدعاءَ ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن الدعاء ليلقى البلاءَ فيعتلجان إلى يوم القيامة) أخرجه الطبراني وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
ومعنى يعتلجان أي: يتصارعان، ويتدافعان.
والدعاء يفتح للعبد بابَ المناجاةِ ولذائذَها، قال بعضُ العُبَّادِ: (إنه ليكون لي حاجةٌ إلى الله، فأسأله إياها، فَيَفْتَحُ عَلَيَّ من مناجاتهِ، ومعرفتهِ، والتذللِ لَهُ، والتملقِ بين يديه ما أحب معه أن يؤخَّر عني قضاؤها، وتدومَ لي تلك الحال).
قال ابن القيم رحمه الله إن لتأخر إجابة الدعاء عدد من الحكم منها :
1ـ إن تأخر الإجابة ابتلاء يحتاج الي الصبر، كما أن سرعة الإجابة من البلاء
أيضا قال تعالى :
( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون )
فالابتلاء بالخير يحتاج إلى شكر ، والابتلاء بالشر يحتاج إلى صبر .
قال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله :
أصبحت ومالي سرور إلا في انتظار مواقع القدر ، إن تكن السراء فعندي الشكر وإن تكن الضراء فعندي الصبر .
2 ـ أن الله مالك الملك وله الحكمة البالغة :
فلا يعطي إلا لحكمة ، ولايمنع إلا لحكمة ، ولا إعتراض على عطائه ومنعه
إن أعطى فبفضله ، وإن منع فبعدله ، قال تعالى :
( وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم
والله يعلم وانتم لا تعلمون )
3 ـ أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه :
إن الله أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين ، فهو أعلم بمصالح عباده منهم وأرحم بهم من أنفسهم .
قال تعالى : ( وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم )
4- قد يكون في تحقق المطلوب زيادةٌ في الشر، فربما تحقق للداعي مطلوبُه، وأجيب له سؤلُه؛ فكان ذلك سبباً في زيادةِ إثمٍ، أو تأخيرٍ عن مرتبةٍ، أو كان ذلك حاملا ً على الأشَر والبَطر، فكان التأخير أو المنع أصلح.
قال ابن القيم رحمه الله : (فقضاؤه لعبده المؤمن عطاءٌ، وإن كان في صورة المنع، ونِعْمَةٌ وإن كان في صورة محنة، وبلاؤه عافية، وإن كان في صورة بلية.
قال سفيان بن عيينة رحمه الله: (ما يكرهُ العبدُ خيرٌ له مما يحب؛ لأن ما يكرهه يُهَيِّجُه للدعاء، وما يحبه يلهيه).
5- الدخول في زمرة المحبوبين لله_ فأن الله إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن عِظمَ الجزاءِ مع عِظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السَّخطْ) أخرجه الترمذي وابن ماجة، وحسنه الترمذي والألباني
فإذا سلم العبد لله ، وأيقن بأن الملك ملكه والأمر أمره ، وأنه أرحم به من نفسه طاب قلبه قضيت حاجته أولم تقض " .
6- تكميلُ مراتب العبودية؛ فالله _عز وجل_ يحب أولياءه، ويريد أن يكمل لهم مراتب العبودية؛ فيبتليهم بأنواع من البلاء، ومنها تأخر إجابة الدعاء؛ كي يترقّوا في مدارج الكمال، ومراتب العبودية.
ومن تلك العبوديات العظيمة التي تحصل من جرّاء تأخر إجابة الدعاء_انتظار الفرج، وقوة ُالرجاء، وحصولُ الاضطرار،والافتقارُ إلى الله، والانكسارُ بين يدي جبار السماوات والأرض، ومجاهدةُ الشيطان ومراغمُته.
قال الامام ابن الجوزي رحمه الله :
" إن دعاء المؤمن لا يرد غير أنه قد يكون الأولى له تأخير الإجابة أو يعوض بما هو أولى له عاجلاً أو أجلا ً، فينبغي للمؤمن أن لا يترك الطلب من ربه فإنه متعبد بالدعاء كما هو متعبد بالتسليم والتفويض "
قال ابن عطاء الله السكندري " ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك "
وقال ايضا " متى فتح لك باب الفهم في المنع، عاد المنع عين العطاء "