نظرات فى خطبة المكاسب الخبيثة
الخطيب سامى الحمود والخطبة تدور حول الكسب الحرام وقد استهل الخطبة بالحديث عن كسب المال من الحلال وأن الكسب الحرام دليلا على ضعف الايمان فقال :
"أما بعد .. أخي المبارك: كم هو رصيدك في البنك؟ وكم تملك من المال؟
ليس مهماً أن تعرف إجابة هذا السؤال أو لا تعرف، لكن الأهم، هو أن تسأل نفسك من أين اكتسبت هذا المال؟ أمن الحلال أو الحرام؟.
عباد الله .. إنَّ من علاماتِ ضعفِ الإيمان, وضعف اليقين باليوم الآخر, حبَ الدنيا, وإيثارَها على الآخرة, والتعلقَ بالشبهِ الواهيةِ في تحصيلِ المالِ بأي وجهٍ كان ."
والكسب الحرام إن ارتكبه الإنسان متعمدا غير مضطر فهذا ليس من ضعف الإيمان كما قال الحمود وإنما من انعدام الإيمان وتحدث الحمود عن تعدد المكاسب المحرمة من أبواب كثيرة فقال :
"ولقد تعددت في زماننا هذا, أبوابُ الكسبِ الحرام، التي وقع فيها الكثير من الناس، فأهلكوا أنفسهم .. ووقعَ آخرون في الشبهات, ومن وقع في الشبهات وقع في الحرامِ كالراعي يرعى حولَ الحمى, يُوشكُ أن يرتعَ فيه، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حمى، ألا وإنّ حمى اللهِ محارمُه .
وإذا كانت مصادرَ الكسبِ الحرام متعددةً ومتنوعة، فقد تفتقت عقولُ شياطينِ الإنس والجن في هذا العصر, فاخترعوا ألواناً وأشكالاً، يصعبُ حصرُها وتفصيلها ."
وبما أن الحمود تحدث عن زماننا فقد وجب التنويه التالى:
أننا لا نحيا فى دولة المسلمين المحكومة بشرع الله ومن ثم فما نعيشه حاليا هو حياة مختلطة من الحلال والحرام لا يمكن السيطرة عليها من قبل المسلم حتى وإن حرص على ذلك وأهم شىء هو توزيع الثروات وتوزيع المرتبات او الرواتب والمعاشات والتى تختلف من جهة إلى أخرى فى الحكومات الحالية فدولة الحمود يستاثر فيها الملك والأمراء ومن والاهم بمعظم إيرادات الدولة ولا يقتسمونها مع بقية الناس وفى مصر مثلا تعانى فئات كثيرة من الشعب من قلة الرواتب كالمعلمين والأطباء وتمنح الدولة معاشات لا تغنى ولا تسمن جوع للفئات الأكثر فقرا ومن ثم فتوزيع المال غير عادل حيث تون هناك فئات مرتباتها ومعاشاتها ألوفا مؤلفة بينما البقية إما بضع مئات من الجنيهات أو عدة آلاف أقل من الخمسة وهكذا الوضع فى بقية بلادنا
وهذا الوضع بالإضافة إلى أن كل حكومات المنطقة تتعامل بالربا ومن ثم يضطر الكثير من الناس لظلم أنفسهم وظلم غيرهم كبغض المعلمين عندما يعطون دروسا خصوصية أو كبغض الأطباء الذين يعالجون المرضى بثمن فير قليل للكشف وكذلك يضطر الخضرى والفكهانى والبناء....لرفع أسعارهم وبعض الموظفين يضطرون لتوقيف العمل حتى يدفع من يريد الخدمة الاكرامية أو يقوم بأخذ بعض من مال الدولة عن طريق ضرب الفواتير أو عن طريق تزوير أرقام مثلا للحصول على وجبات زائدة كما فى أخذ غياب بعض المدارس ومن ثم تطول دائرة الظلم الجميع
إذا معظمنا فى وضع الاضطرار غير الحكام والطبقة الغنية ومن ثم ما يتصوره الحمود فى خطبته كسب حرام ليس حراما فى حالة الاضطرار كما قال تعالى:
" إلا ما اضطررتم إليه"
وحال معظمنا هو أنهم يستعيدون بعض حقوقهم المنهوبة من قبل الحكام والمحكومين ولكن هذا لا يمنع من وجود مجرمين يكسبون الحرام كتجار المخدرات والنصابين
وقد تحدث عن بعض أنواع الكسب الحرام فقال :
"فمن ذلك، الربا، وأمرهُ واضحٌ لا لبس فيه، ولهُ أشكالٌ وصور, من فوائدَ وصناديقِ استثمار وبطاقاتٍ ائتمانية وبيعِ العينةِ وغيرها من المعاملات.
ومن المكاسب المحرمة كذلك ، بيعُ الخمور, أو المخدراتِ أو الدخانِ, أو آلاتِ الفساد, ومنها كذلك: ثمنُ الكلب, ومهرُ البغيِّ, وحُلوانُ الكاهن، أي ما يتعاطاه الكاهنُ نظيرَ كَهانته، ومنها كذلك: ثمنُ المجلاتِ الفاسدة, والصحفِ المنحرفة، والأفلامِ الماجنة والأشرطةِ الخليعة، وغيرها من المحرمات .
ومن المكاسب المحرمة: الرِّشوة، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي في الحكم) أخرجه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
والرِّشوة، هي ما يعطى من المال لإبطال حق، أو إحقاق باطل، أما ما يعطى لاستنقاذ حق تعذر الحصول عليه، أو رفع ظلم، فقد أجازه أهل العلم ، وإثمه على الآخذ الظالم ."
وتحدث الحمود عن النقطة التى تكلمنا عنها فى عصرنا وهو أننا لا نعيش فى مجتمع عادل محكوم بشرع الله ولكنه مصر على اعتبار من يأخذون بعض حقوقهم سراق ولصوص فقال :
"ومن المصادرِ الخبيثةِ المحرمةِ لكسبِ المالِ وجمعه، السرقةُ من بيتِ مال المسلمين بدعوى أنَّ لهُ فيه حقاً، أو أنّ ما يتعاطاهُ لا يكفيه، أو أنّ الحكومةَ قويةٌ وهو ضعيف، أو غيرِ ذلكَ من الدعاوى الباطلة، وتبدأُ هذه الجريمة- أعنى السرقة من بيتِ المالِ- , بسرقةِ قلمٍ أو ورقةٍ أو محبرةٍ، وتنتهي بسرقةِ ملايينَ الريالات بشتَّى الحيلِ وطرقِ التزوير، مما ينطلي على البشر, وليس بخافٍ على ربِّ البشر، عالم الغيبِ والشهادة، الذي لا تخفى عليه خافية، ولا يدري ذلك السارقُ المسكينُ أنّ خصمهُ في هذا ليس وليُّ الأمرِ وحده، بل المسلمون الذين سَرَقَ من مالهم, بل إنّ خصمهُ هو اللهُ الواحدُ القهار, المنتقمُ العزيزُ الجبار، الذي يقولُ: (( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)) ، ويقولُ سُبحانهُ : (( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) .
والغلولُ: هو الأخذُ من بيتِ المالِ بطريقٍ غيرِ مشروع، كالتزويرِ والكذبِ والاحتيال، أو استغلالِ النفوذ والجاه, فمن فعلَ ذلك فهو غالٌّ سارق، آكلٌ للحرام - والعياذُ بالله- حاكماً كان أو محكوماً، رئيساً كان أو مرؤوساً . وقد أخرج الإمامُ مسلمٌ في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قام فينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يومٍ فذكر الغلول فعظَّمهُ, وعَظّمَ أمره، ثُمَّ قال : ((لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ .. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ .. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ .. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ .. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ .. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ - يعني ذهباً أو فضة- ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ)) .
حديثٌ عظيمٌ مخيف، يُزلزلُ القلوبَ الحيةِ ويهزُها هزاً، فمن سرقَ شاةً أو بعيراً، أو سيارةً أو متاعاً، أو سَرقَ مالاً, جاءَ يَحمِلهُ يومَ القيامةِ على رقبتهِ، مفضوحاً بين العباد، إلاَّ أن يتوبَ إلى الله تعالى، ويرُدَّ ما سرقهُ إلى بيتِ المال "
وهذا الحديث باطل الخطأ فيه هو حمل كل واحد لما سرقه أو نهبه وهو ما يناقض أن كلل واحد يأتى فردا ليس معه أى شىء كما قال تعالى:
" ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم"
وقال :
" ويأتينا فردا"
وتحدث عن الغلول وهو السرقة من الغنيمة فقال :
بل وحتى المجاهدُ في سبيلِ الله الذي قد يكونُ نصيبهُ من الغنيمةِ كبيراً، لو انتظر القسمة، فإنَّه لو اختلس مخيطاً-إي إبرةً- لكانت عليه ندامةً يوم القيامة، وفي هذا يقول - صلى الله عليه وسلم - : (أدُّوا الخيط والمخيط، وإيَّاكم والغُلول، فإنَّهُ عارٌ على أهلهِ يوم القيامة) رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً كان مملوكاً للنبي - صلى الله عليه وسلم -، رُمِيَ بِسَهْمٍ يوم خيبر فمات، فَقال الصحابة: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ لَتَلْتَهِبُ عَلَيْهِ نَارًا، أَخَذَهَا مِنْ الْغَنَائِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ، قالَ فَفَزِعَ النَّاس، فَجَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَبْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ - صلى الله عليه وسلم -: شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ .
رحماكَ يا رب!! هذا المجاهدُ في سبيلك، البائعُ نفسَهُ لمرضاتك, تدفعهُ نفسُهُ الأمارةُ بسرقةِ شيءٍ زهيد، قد يكونُ مستحقاً لأعظمَ منهُ لو صبر حتى القسمة، ثُمَّ يلتهبُ عليه ما اختلسهُ ناراً تلظى, رحماكَ يا رب! فكيف يكونُ حالُ العبادِ المقصرين في طاعتك، السادرين في غيِّهم وضلالهم ، السارقينَ لأعظمَ من ذلك وأكثر .
وهذا مجاهدٌ آخر اختلسَ من بيتِ المال, فكان مصيرهِ إلى النار، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: كان في بيتِ المالِ رجلٌ يُقالُ له: كِرْكِرة فمات، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( هو في النارِ، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءةً قد غلَّها )) رواه البخاري . سبحان الله, هذا رجلٍ مسلمٍ مُجاهد, اختلس من بيتِ المالِ عباءة, فكيف بمن يسرقون الألوفَ المؤلفةِ والملايين المكدسة "
وتلك الأحاديث غالبها باطل لأنها تجعل النبى(ص) عالما بالغيب الذى لم يره هو ولا غيره من الخلق كمعرفة سرقة الشملة والعباءة وهو ما نفاه الله على لسانه فى قوله:
" ولا أعلم الغيب"
وقال:
" لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
وتحدث عن جرائم الموظفين فقال :
"عباد الله .. ويدخلُ في الغلو كذلك، هدايا الموظفين، التي يهديها إليهم المراجعون، أو المتعهدون من أصحاب المصانعِ والمؤسسات, باسم الدعايةِ, أو التكريم, أو الصداقة .
حتى بلغت الوقاحة ببعض الموظفين في بعض البلدان أن يضع فوق رأسه لوحة مكتوب فيها: ادفع بالتي هي أحسن .
وقد جاء في الصحيحين عن أبي حُميدٍ الساعدي - رضي الله عنه - قال : (اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا مِنْ الْأزدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَفَلَا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَتَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْكَ أَمْ لَا، ثم َقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا، إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللهم هل بلغت) . وفي صحيح مسلم أيضاً: من حديثِ عدي بن عَمِيرَة الكِندي قال, سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( من استعملناهُ منكم على عملٍ, فكَتَمَنَا مخيطاً فما فوق, كان غُلولاً يأتي به يوم القيامة، قال: فقامَ إليه رجلٌ أسودٌ من الأنصار، كأني انظرُ إليه, فقال: يا رسول الله اقبل عنِّى عملك- يعني بالتعبير المعاصر, اقبل استقالتي من العمل- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومالَك؟ قال: سمعتك تقولُ كذا وكذا، قال عليه الصلاة والسلام: وأنا أقولهُ الآن من استعملناهُ منكم على عملٍ, فليجئ بقليله وكثيره، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى) .
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك، يا ذا الفضل العظيم "
والحديثان باطلان لنفس السبب وهو مجىء الموظف بما أخذ فى الدنيا معه يوم القيامة وكما سبق القول فالفرد مسلما أو كافرا يأتى فردا فى القيامة ليس معه أى شىء كما قال تعالى :
" ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم"
وأما ما يأتى بالفعل يوم القيامة فهو العمل مصور صورة وصوت فى كتاب العمل الذى يسلمه الله لكل فرد فيرى من عمل من خير أو شر كما قال تعالى :
" فمن يعمل مثقال ذرة حيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"
وتحدث عن الكسب الحرم من خلال قبض بعض الموظفين لرواتبهم وهو فى بيوتهم لا يعملون أو يتغيبون عن العمل ويوقع لهم أنهم حاضرون وهو كلام فى بعض بلادنا حلال عندما يكون ما يقبضه المرتب ينتهى فى خمس أو عشر أيام لقلته ويضطر الموظف للقيام بعمله الحكومى ناقصا وعمل أخر خاص كى يستطيع الانفاق على أسرته وفى هذا قال :
"عباد الله .. ومن المكاسب المحرمة، المتعلقةِ بالغلول أو السرقة من بيتِ المالِ: ما يتقاضاهُ بعضُ الموظفينَ باسمِ خارج الدوام أو الانتداب، من غيرِ أن يقوموا بالمهمةِ فعلاً، وإنَّما تُدرج أسماؤُهم في مسيراتِ الرواتب, وهم جالسون في بيوتهم، وبعضُ الموظفين قد يتغيبُ عن عملهِ اليوم واليومين والثلاثة بلا عذرٍ شرعي, أو لا يستكملُ ساعاتِ الدوامِ الرسمي, فيعتادُ الخروجَ لقضاءِ مشاغلهِ الخاصة, معطلاً بذلكَ مصالحَ الناس، وحاجاتِ المراجعين .
وقد يتعذرُ بعضُ أولئك الموظفين بأنّ رؤساءهُ يتغيبون عن العملِ، ونسي أولئكَ المساكين قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) . ويدخلُ في الغلولِ والسرقة من بيتِ مال المسلمين، ما يفعلهُ بعضُ مأموري المشترياتِ من تلاعبٍ بفواتيرِ الشراء, فتدونُ أرقامُ المشتريات بأضعافِ القيمةِِ الحقيقيةِ للسلع المشتراة، وبتواطئٍ من بعضِ الباعةِ الظلمة، فيكونُ فرقُ القيمةِ سُحتاً وغلولاً, يأكلهُ ذلك الموظفُ الخائن للأمانة، الذي انساقُ خلفَ شهوةِ نفسه، وهوى قلبهِ، وتفانى في جمع المال من أيِّ طريقٍ كان، لا يفكرُ أمن حلالٍ جمعَ أم من حرام ."
وكما قلت سابقا العدل إذا ساد يكون ما سبق حرام وأما عندما يسود الظلم فبعض هذا حلال إذا اضطر المسلم لفعله
وتحدث عن اللحم الحرام فقال :
"وقد ثبت عند الترمذي وغيره من حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به)، وفي رواية أحمد: (لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت) ."
والحديث باطل ولو طبقناه على واحد كان عمل أبوه صناعة الأصنام فسيكون ابراهيم(ص) فى النار لأن لحمه وهو صغير نبت من الحرام نتيجة عمل أبوه فى صناعة محرمة مكسبها كله حرام
اللحم لا يدخل النار وإنما من يدخلها الكفار
وطالب الحمود المسلمين بالكسب الحلال والبعد عن الحرام فقال :
"ألا فاتقوا الله عباد الله ، وتحروا الحلال في مكاسبكم ، وأطيبوا مطاعمكم تستجب دعواتكم، فقد روى مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ) ."
والحديث ألأخير باطل فالاستجابة للدعاء ليس سببها الحرام وإلا ما استجاب الله لبعض الكفار كمن يركبون البحر ويستغيثون بالله وفيهم قال تعالى :
"فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ليكفروا بما أتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون"
فالاستجابة ليست متعلقة بأكل الحرام وما شابه وإنما متعلقة بما كتبه الله فى لوح القدر