قراءة في كتاب مصحف الإمام علي
الكتاب صادر عن المجمع العالمي لأهل البيت ففى مستهل الكتاب تحدث المجمع عن كون مصحف على بن أبى طالب هو نفسه المصحف الحالى فقال:
"المقدمة
تكاد تتفق كل نصوص الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في نهج البلاغة علي أن هذا القرآن الموجود بين أيدينا هو الكتاب الذي أنزله الله علي رسوله الأمين محمد خاتم النبيين (ص)وهو الكتاب الذي تكفل الله بحفظه وتخليده باعتباره الدليل علي خلود الرسالة التي انزل من أجل إثباتها وتثبيتها. وقد تضمن هدي الله للبشرية والدين التام الذي ارتضاه لعباده ويحتج به علي خلقه الي يوم القيامة. وقد صرحت كلماته الخالدة عن هذا الكتاب الخالد بأنه يتكلم عن القرآن الموجود بأيدينا، وهو القرآن الذي انزل علي الرسول محمد (ص)وجمع في عهده وتداوله المسلمون جيلا بعد جيل لم ينقص منه حرف أو كلمة. قال : «واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، وسلمادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب. وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدي أو نقصان من عمي. واعلموا أنه ليس علي أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غني، فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به علي لاوائكم; فإن فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والغي والضلال، فاسألوا الله به وتوجهوا إليه بحبه». وهذه النصوص الواردة عنه، حول القرآن الكريم الموجود بأيدي المسلمين في عصره وعصرنا هذا هي التي تفسر قوله : «وإن الكتاب لمعي، ما فارقته مذ صحبته» هذا هو موقف الإمام علي بن أبي طالب من كتاب الله الخالد."
وهذا الكلمة المنسوبة لعلى في نهج البلاغة كلمة مخالفة لكتاب الله في قوله:
"وشفاء لما في الصدور"
فهو ليس شفاء من الأدواء الجسدية وإنما شقاء من الأمراض النفسية وهى الكفر والنفاق ومن ثم من المستبعد ان يكون قالها
وتحدث المجمع عن اتهام أهل البيت بأن لديهم مصحف مخالف للمشهور بين أيدى الناس فقال:
"ولكن أعداء هذا الكتاب الإلهي انتهجوا لتفريق المسلمين سبلا شتي، منها:
اتهام أهل البيت وهم حملة القرآن وعدله ورعاته والمفسرون لآياته كما اوحي الي الرسول (ص)وأتباعهم ـ بأنهم يزعمون أن لديهم سوي هذا القرآن قرآنا يحتفظون به زاعمين أن هناك روايات تشير الي ذلك. ومن هنا ـ إيضاحا للحقيقة التي يعرفها أهل الحق، والتي يحاول الأعداء تغييبها ـ نعالج هذا الزعم لنصل الي ما ترشدنا اليه الروايات في هذا المجال، وذلك عبر ملاحظة تأريخ القرآن منذ عصر الرسول (ص)وحتي عصر الإمام علي لنقف علي حقيقة ما يسمي بمصحف الإمام علي في هذه النصوص. "
وكالعادة لجأ المجمع إلى استجرار التاريخ الكاذب عن جمع القرآن مقررا ما يناقض كتاب الله وهو أن البشر من الصحابة هم من جمعوا القرآن وحفظوه فقال :
"لا يمكن البحث في قضية مصحف الإمام علي إلا بعد معرفة تاريخ جمع القرآن ; لأن مصحف الإمام علي ما هو إلا جمع الإمام علي للقرآن الكريم وما حوله إن ترتيب القرآن وتاريخ جمعه وتنظيم سوره، وتشكيله وتنقيطه وتفصيله الي أجزاء وأحزاب لم يكن وليد عامل واحد، ولم يكتمل في فترة زمنية قصيرة، فقد مرت عليه أدوار وأطوار ابتدأت بعهد الرسالة وانتهت بدور توحيد المصاحف علي عهد عثمان، ثم الي عهد الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي أكمل تشكيله علي ما هو بأيدينا اليوم. يري المؤرخون أن تاريخ جمع القرآن قد مر بثلاث مراحل رئيسية: المرحلة الاولي: عهد النبي (ص)حيث جمع القرآن كتابة وحفظا في الصدور وكتب في قراطيس وألواح من الرقاع والعسب واللخاف والأكتاف فقد قال زيد بن ثابت: كنا عند رسول الله (ص)نؤلف; أي نكتب القرآن في الرقاع.
المرحلة الثانية: عهد أبي بكر، وذلك بانتساخه من العسب والرقاع وصدور الرجال
المرحلة الثالثة: عهد عثمان بن عفان حيث جمع القرآن بين دفتين وحمل الناس علي قراءة واحدة، وكتب منه عدة مصاحف أرسلها الي الأمصار، وأحرق باقي المصاحف
فحول المرحلة الاولي
يذهب بعض علماء الإمامية علي أن القرآن الكريم كان مجموعا علي عهد رسول الله (ص)وانه لم يترك دنياه الي آخرته إلا بعد أن عارض ما في صدره بما في صدور الحفظة الذين كانوا كثرة وبما في مصاحف الذين جمعوا القرآن في عهده، وتشير الي ذلك كثير من الروايات منها قوله (صلي الله عليه وسلم): «من قرأ القرآن حتي يستظهره ويحفظه، أدخله الله الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته ... »."
الحديث باطل للتالى:
الأول حفظ ألفاظ القرآن هو كحفظ ألفاظ التوراة وغيرها من كتب الله لا يدخل الجنة فالحفظ اللفظى يدخل الناء ويكون صاحب كالحمار خامل الأسفار كما قال تعالى :
" مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفار بئس مثل القوم الذيم كذبوا بآياتنا"
الثانى الشفاعة ليست لحافظ القرآن وإنما لمن اختاره الله كشهيد على قومه كما قال تعالى:
" وجئنا بك على هؤلاء شهيدا"
وقال:
وأكمل المجمع قائلا:
وكان رسول الله (ص)يشرف بنفسه علي ما يكتب، فعن زيد قال: فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف أو كسره فأكتب وهو يملي علي فاذا فرغت قال: إقرأه، فأقرأه، فان كان فيه سقط أقامه، ثم اخرج الي الناس وروي أن الصحابة كانوا يختمون القرآن من أوله الي آخره حتي قال (صلي الله عليه وسلم): «إن لصاحب القرآن عند الله لكل ختم دعوة مستجابة» "
والجديث باطل فلا يوجد دعاء مستجاب لخاتم القرآن او لغيره لأن الاستجابة متعلقة على مشيئة الله وليس على عمل أى إنسان كما قال تعالى :
"بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء"
والمعنى أن ما كتبه الله أنه سيستجاب سيتسجاب وما لم يكتبه لم يستجاب
وطرح المجمع سؤالا وأجاب عليه فقال :
"هل جمع رسول الله القرآن بنفسه أم لا؟
لقد كان لدي النبي (ص)مصحف مجموع، ففي حديث عثمان بن أبي العاص حيث جاء وفد ثقيف الي النبي (ص)قال عثمان: فدخلت علي رسول الله (ص)فسألته مصحفا كان عنده فأعطانيه بل وترك رسول الله (ص)مصحفا في بيته خلف فراشه مكتوبا في العسب والحرير والاكتاف، وقد أمر عليا بأخذه وجمعه ... أما المرحلة الثانية من جمع القرآن التي يقال عنها أنها كانت في عهد أبي بكر فالأخبار حول هذا الجمع متضاربة، كما أنها لا ترتبط بما نحن بصدده أما شبهة أن للإمام علي مصحفا غير هذا المصحف المتداول بين المسلمين من جهة النص فهذه شبهة لا دليل عليها ولا أساس لها من الصحة. نعم، تفيد طائفة من أحاديث الشيعة وأهل السنة أن الإمام عليا اعتزل الناس بعد وفاة رسول الله (ص)لجمع القرآن الكريم، وكان موقفه هذا بأمر رسول الله (ص)وأنه قال: لا أرتدي حتي أجمعه وروي أنه لم يرتد إلا للصلاة حتي جمعه "
وكل ما سبق من روايات تاريخية مخالف تمام المخالفة لكتاب الله فجامع القرآن ليس بشرا وإنما الله كما قال تعالى :
" إنا علينا جمعه وقرآنه"
وهو ما سماه الله حفظه كما قال:
" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
وطرح المجمع سؤالا أخر فقال :
"من أين جاءت تسمية مصحف الإمام علي؟
لقد كان للإمام مصحف كباقي المصاحف التي جمعت فيما بعد مثل مصحف زيد ومصحف ابن مسعود ومصحف ابي بن كعب ومصحف أبي موسي الأشعري ومصحف المقداد بن الأسود، كما كان لعائشة أيضا مصحف. وكان أهل الكوفة يقرأون علي مصحف عبدالله بن مسعود، وأهل البصرة يقرأون علي مصحف أبي موسي الأشعري، وأهل الشام علي مصحف أبي كعب، وأهل دمشق علي مصحف المقداد. ولكن انتهي دور هذه المصاحف والقراءة فيها علي عهد عثمان عندما أرسل عليها وأحرقها أما مصحف الإمام فقد احتفظ به لنفسه وأهل بيته ولم يظهره لأحد، حفاظا علي وحدة الامة، علي ما سنبينه فيما بعد."
ثم طرح سؤالا ثالثا فقال :
"هل مصاحف الصحابة التي سميت بأسماء جامعيها تختلف فيما بينها؟ وهل لكل واحد منها خصوصية؟
يري المؤرخون أن فروقا من ناحية تقديم السور وتأخيرها تكتنف تلك المصاحف، فمثلا مصحف ابن مسعود نجده مؤلفا بتقديم السبع الطوال ثم المئتين ثم المثاني ثم الحواميم ثم الممتحنات ثم المفصلات. أما مصحف ابي بن كعب نجده قد قدم الأنفال وجعلها بعد سورة يونس وقبل البراءة، وقدم سورة مريم والشعراء والحج علي سورة يوسف "
وكل هذا الكلام والإجابة عليه من الأحاديث مناقض لكلام الله الذى هو جامع القرآن وليس البشر
وطرح المجمع سؤالا رابعا عن زمن جمع على لمصحفه فقال:
"متي جمع الإمام علي مصحفه؟
إن أول من تصدي لجمع القرآن بعد وفاة النبي (ص)مباشرة، وبوصية منه هو علي بن أبي طالب حيث قعد في بيته مشتغلا بجمع القرآن وترتيبه علي ما نزل قال ابن النديم ـ بسند يذكره ـ: أن عليا رأي من الناس طيرة عند وفاة النبي (ص)فأقسم أن لا يضع رداءه حتي يجمع القرآن وروي محمد بن سيرين عن عكرمة، قال: لما كان بدء خلافة أبي بكر قعد علي بن أبي طالب في بيته يجمع القرآن. قال: قلت لعكرمة: هل كان تأليف غيره كما أنزل الأول فالأول؟ قال: لو اجتمعت الإنس والجن علي أن يألفوه هذا التأليف ما استطاعوه. قال ابن سيرين: تطلبت ذلك الكتاب وكتبت فيه الي المدينة فلم أقدر عليه "
وهذا الكلام هو كلام روايات والحقيقة أن من كانوا في المدينة كانوا يسجلون أولا بأول الآيات التى تنزل على النبى(ص) في مصاحفهم وكان لدى النبى(ص) عدد كبير من المصاحف في بيته بعدد زوجاته وبناته لأن أمر الله لهن بتلاوة آيات القرآن" واذكرن ما يتلى في بيوتكم من آيات الكتاب والحكمة" يستلزم وجود مصحف عند كل واحدة وأما القرآن المحفوظ فقد حفظه في بيته الحرام حيث لا يقدر أحد على ارتكاب ذنب كما قال:
"لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"
وطرح سؤالا عن ميزة المصحف العلوى فقال :
"ما هو امتياز مصحف الإمام علي عن بقية المصاحف؟
واذا ما ثبت أن هناك مصحفا للإمام علي قد جمعه بعد وفاة الرسول (صلي الله عليه وسلم)، فماهي صفات ذلك المصحف؟ وهل يختلف عن غيره من المصاحف الاخري التي جمعت بعد مصحفه؟ قالوا: إن الفرق بين مصحف الإمام علي والمصاحف الاخري التي اختلفت فيما بينها أيضا، هو أن الإمام رتبه علي ما نزل، كما اشتمل علي شروح وتفاسير لمواضع من الآيات مع بيان أسباب ومواقع النزول قال : «ما نزلت آية علي رسول الله (ص)إلا اقرأنيها وأملاها علي، فأكتبها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها. ودعا الله لي أن يعلمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله، ولا علما أملاه علي فكتبته منذ دعا لي ما دعا» كما اشتمل علي جملة من علوم القرآن الكريم، مثل: المحكم والمتشابه والمنسوخ والناسخ وتفسير الآيات وتأويلها "
وهذا الكلام عن اختلاف مصحف على عن مصاحف الناس يناقض ما قاله المجمع في مقدمة الكتاب عن كون مصحف على هو نفسه المصحف الحالى الموجود بين أيدى الناس في قوله:" تكاد تتفق كل نصوص الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في نهج البلاغة علي أن هذا القرآن الموجود بين أيدينا هو الكتاب الذي أنزله الله علي رسوله الأمين محمد خاتم النبيين (ص)"
ثم حكى لنا رواية غريبة لا تتفق مع مقدمته التى ذكرناها فقال :
"هل عرض الإمام مصحفه علي الناس؟
نعم، بعد أن جمعه جاء به الي الناس وقال: إني لم أزل منذ قبض رسول الله (ص)مشغولا بغسله وتجهيزه ثم بالقرآن حتي جمعته كله ولم ينزل الله علي نبيه آية من القرآن إلا وقد جمعتها وعرض الإمام مصحفه علي الناس وأوضح مميزاته فقام إليه رجل من كبار القوم فنظر فيه، فقال: يا علي أردده فلا حاجة لنا فيه قال الإمام علي : «أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا، إنما كان علي أن أخبركم حين جمعته لتقرأوه»
فلو كان مصحفه مخالفا كما تقول الرواية ما أخفاه عنهم وناقض المجمع كلام المقدمة عن اختلاف مصحف على عن المصاحف ألأخرى فروى رواية أخرى تقول:
"لماذا لم يخرج الإمام مصحفه في زمن الخليفة عثمان؟
خلال عهد عثمان اختلفت المصاحف، واثيرت الضجة بين المسلمين، فسأل طلحة الإمام عليا لو يخرج للناس مصحفه الذي جمعه بعد وفاة رسول الله (ص)قال: وما يمنعك ـ يرحمك الله ـ أن تخرج كتاب الله الي الناس؟! فكف عن الجواب أولا، فكرر طلحة السؤال، فقال: لا أراك يا أبا الحسن أجبتني عما سألتك من أمر القرآن، ألا تظهره للناس؟ وأوضح الإمام سبب كفه عن الجواب لطلحة مخافة أن تتمزق وحدة الامة، حيث قال: يا طلحة عمدا كففت عن جوابك فأخبرني عما كتبه القوم؟ أقرآن كله أم فيه ما ليس بقرآن؟ قال طلحة: بل قرآن كله قال : إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتم الجنة "
والحديث متناقض فلو كان مصحف على سيمزق الأمة فلا معنى لهذا سوى أن ما في أيدى الناس مخالف له كثيرا ولكنه قال أن ما في أيديهم قرآن ينجيهم فدل على أنه لا يمزق الأمة
وتحدث المجمع عن مصير المصحف العلوى فقال :
"مصير مصحف الإمام علي
تفيد الروايات بأن المصحف قد سلمه الإمام علي للأئمة من بعده وهم يتداولونه الواحد بعد الآخر لا يرونه لأحد كما لم يعد خبر المصحف والحديث عنه خافيا علي العلماء الباقين. ذكر ابن النديم أنه أول مصحف جمع فيه القرآن، وكان هذا المصحف عند آل جعفر، وفي قول آخر يتوارثه بنو الحسن ثم تابع ابن سيرين مصير المصحف في المدينة المنورة فلم يفلح علي حصوله، وقد صرح بخصوصية المصحف بقوله: (فلو أصبت ذلك الكتاب كان فيه علم) إذن تتلخص قصة مصحف الإمام علي بما يلي: إن الإمام جمع القرآن بعد وفاة رسول الله (صلي الله عليه وسلم)، وكانت سوره وآياته هي آيات وسور القرآن المتداول بين المسلمين اليوم، وكان متضمنا ترتيب السور حسب النزول والي جانبها أسباب النزول، إلا أن موقف بعض الصحابة من مصحفه كان موقفا سياسيا. ومن هنا فالأحري أن نعتبره نسخة اخري من القرآن الكريم متضمنة لسوره وآياته، وليس هو قرآن آخر سوي القرآن الكريم. وجاء الخصوم بعد ذلك ليقولوا: إن الشيعة تدعي أن للإمام علي مصحفا غير المصحف المتداول بين المسلمين ظلما ورغبة في تفريق صف الامة المسلمة "
واخفاء المصحف يتناقض مع كونه مثل المصاحف الموجودة حاليا فلو كان مثلها فما هو الداعى لاخفائه؟
كلام المجمع متناقض