نقد شريط البدعة وأثرها فى محنة المسلمين
هذا الشريط ملقيه أبى إسحاق الحوينى من أهل العصر فى مصر وأما مفرغه كتابة فقد أتعبنى فى إصلاح أخطائه لمدة أكثر من نصف ساعة فهو يكتب كثير من الكلمات خطأ
استهل الرجل خطبته بالمقدمة المعروف فقال :
"أحمد الله تعالى وأستغفره وأن الحمد لله تعالى نحمده ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فأن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وأحسن الهدى هدى محمد (ص) وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة بالنار "
ثم حدثنا عن كون إخراج الحق من الدين وبين إدخال الباطل فيه أمر واحد فهو تحريف للدين فقال:
"لا فرق عند جماعة العلماء بين إخراج الحق من الدين وبين إدخال الباطل فيه لأن كلاهما بخلاف مراد الشارع فإخراج الحق من الدين يساوى إدخال الباطل فيه ، نحن بمناسبة الكلام عن البدعة وعن أثرها فى تأسيس محنة المسلمين اليوم لابد أن نلقى ضوءا جلي واضحا على جيل الصحابة وكيف كانوا يواجهون البدع "
ثم عرف الحوينى البدعة وضرب أمثلة عليها وقسمها لحقيقية وإضافية فقال:
"البدعة شىء مخترع لا أصل له وهذه يسميها الإمام الشاطبى بالبدعة الحقيقية شىء مخترع لا أصل له فى دين الله عز وجل كالصلاة المذكورة مثلا فى شهر رجب أو صلاة النصف من شعبان لا أصل لها فى دين الله عز وجل هذه اسمها البدعة الحقيقية حيث لا أصل لها يمت بسبب إلى الشرع ، وأنا أظن أن هذا النوع من البدع ليس بأكثر خطورة من النوع الأخر الذى يسميه أيضا الأمام الشاطبى بالبدعة الإضافية "
وحدثنا الحوينى عن كون البدعة الإضافية هى الأخطر على الناس لأن الحقيقية معروف الاستدلال على بطلانها وأما الإضافية فتضاف للشرع كذبا مع وجود وجه مذكور لها فى الشرع وهو قوله:
"أخطر شىء البدعة الإضافية محنتنا الآن هى البدعة الإضافية ، البدعة الحقيقية من الممكن أن تنصب الدلائل على بدعتها وتستريح أما البدعة الإضافية يدخل شياطين الإنس من أبوابها ، هى إسمها إضافية لماذا ؟ لأنها من وجه تضاف إلى الشرع ومن وجه آخر تباين الشرع ، هذه مشكلتها ، ومشكلتها أن لها وجه يطل على الشرع لذلك سماها العلماء بالبدعة الإضافية لأنها أضيفت على الشرع بهتانا وزورا "
وحدثنا الحوينى ضاربا الأمثلة على البدع الإضافية فقال:
"ولنضرب مثل بالبدعة الإضافية حدث فى زمان الصحابة رضوان الله عليهم وفى ضرب هذا المثل يتضح معنى البدعة الإضافية لأن جماهير المسلمون الآن لا يعرفون البدعة الإضافية وكما قلت هى أعظم شرا من البدعة الحقيقية.
فى سنن الدارمى بسند صحيح عن عمرو بن سلمه قال : " كنا جلوس بباب عبد الله بن مسعود بعد صلاة الغداء ، فبينما نحن جلوسا إذ جاء أبو موسى الأشعرى وقال أخرج أبو عبد الرحمن قلنا : بعد ، فجلس معنا فلما خرج اكتنفناه ، فقال أبو موسى أبا عبد الرحمن لقد رأيت بالمسجد آنفا شيئا أنكرته ولم أرى والحمد لله إلا خيرا ، فقال ماذا رأيت ؟ قال أن عشت فسوف تراه ، رأيت قوما حلقا حلقا ، أمامهم حصى يسبحون الله تعالى ويكبرونه ويحمدونه ومعهم رجلا يقول سبحوا مائة فيأخذ مائة حصاه ويقول كبروا مائة فى بعض الروايات أخرجه الدارمى قال فرجع ابن مسعود إلى داره وتلثم ثم دخل المسجد فإذا كما وصف أبو موسى الأشعرى ، حين أذن كشف أبن مسعود عن وجهه وقال : ما أسرع هلكتكم يا أمة محمد ، ها هو محمد (ص) أنيته لم تكسر، ثيابه لم تبلى حتى جئتم بشىء ما فعله ولا أصحابه أنا عبد الله بن مسعود أنا صاحب رسول الله (ص) فقالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما نريد إلا الخير - قولة كل مبتدع - ما نريد إلا الخير فقال كم من مريدا للخير لا يبلغه ، أن رسول الله (ص) حدثنا أن رجالا يقرئون القرآن لا يجاوز تراقيهم وأيم الله لعل أكثركم منهم ، فقال عمرو بن سلمه راوى الحديث فقد رأيت عامة هؤلاء يطاعوننا يوم النهروان مع الخوارج " .
وهذا مثال ، الآن بعض المسلمين يحب التسبيح على هذه الصورة وهى التسبيح بالمسبحة لأنه لا فرق بين أن تسبح بهذا الحصى الفرط أو أن تلضمه بعقد والآن من المسلمين أيضا من يفتى باستحباب التسبيح بالمسبحة ، هذه كانت بدعة عند الصحابة فأنظر لتطاول الزمن كان بدعة هناك فأصبح مستحب عندنا ، عبد الله بن مسعود أفقه صحابى نزل الكوفة بعد على بن أبى طالب ويشهد له الكل بذلك وكان فقيها فى دين الله عز وجل لا سيما فى كتاب الله سبحانه وتعالى ، كان يقول أخذت سبعين سورة من فم رسول الله (ص) لو أعلم أن رجل عنده أى فيها ما ليس عندى تضرب إليه أكباد الإبل لفعلت ، لما يرى عبد الله بن مسعود رجالا يسبحون الله على الحصى بالمسجد ، هذه هى البدعة الإضافية أنظر إلى تسبيحهم على الحصى التسبيح مشروع ولكن هيئة التسبيح هى البدعة .
فأنظر صار لها وجهان وجه مشروع وهو أصل التسبيح ، ووجه غير مشروع وهو كيفية التسبيح ، لذلك هؤلاء ينسبون هذه الهيئة كلها اعتمادا على الأصل وينسبونها إلى الشرع لذا سميت بدعة إضافية حيث أضيفت إلى الشرع اعتمادا على الأصل وليس باعتبار الوصف ، ولذلك عبد الله بن مسعود لما سأل أبا موسى الأشعرى قال له أبو موسى الأشعرى رأيت بالمسجد شيئا أنكرته ولم أرى والحمد لله إلا خيرا ، إذا كان خيرا لماذا ينكره ؟ الكلام قد يبدو متناقض أنكرته ولم أجد إلا خيرا طيب وما الداعى للإنكار؟ نعم لم يرى إلا خيرا أى أصل الذكر، لا ينكر رجال جلسوا لكى يذكروا الله ، من ينكر هذا ؟ فهذا الذى قال عنه أبو موسى الأشعرى لم أرى والحمد لله إلا خيرا أما الذى أنكره فهو كيفية التسبيح ، كان زمان موجود بدعة وسنة ، الآن موجود بدعة وردة ، لذلك الناس اليوم ترى البدع لا تنكرها لأنها تجد مقابل البدعة كفرا بواحا فتهون البدعة عندهم وما أدرك ذلك المسكين أن عدم إنكاره للبدع هو السبب فى وجود هذا الكفر"
خطأ الحوينى هو أنه اعتبر البدعة ليست كفر وإنما جعل البدعة شىء والكفر شىء أخر وهو ما يناقض استشهاده فى المقدمة بالقول المشهور" وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة بالنار"
فالبدعة ضلالة والضلالة كفر لأن من يدخل النار هم أصحاب الضلال أى الكفر
قطعا حديث كل بدعة ضلالة وكل ضلالة بالنار ليس صحيحا لأن الضلالة ليست من تدخل النار وإنما عاملو الضلالة
واستكمل الجوينى كلامه عن أن ترك الأمور التى يراها الناس صغيرة تؤدى بعد هذا لعدم لإنكار ما يظنه الحوينى كبيرا فقال:
لا تستهن بصغيرة أن الجبال من الحصى ، الصحابة كان عندهم نفرة شديدة من أى شىء محدث مهما كان دقيقا، لذلك ظل الدين نقيا عندهم ، أنت إذا كان عندك حساسية شديدة لصغير فمن باب أولى أنك ستنكر الكبير، لكن إذا أنكرت الكبير فقط مر الصغير بسلام وهذه هى المشكلة صغير مع صغير مع صغير تفاجأ أنه صار جبلا يصعب عليك إنكاره
الآن إذا وجت رجل يسبح بالمسبحة فأنكرت عليه يقال لك : يا أخى يوجد من يشربون المخدرات والمكيفات ويتسكعون بالنواصى ، فأنظر ماذا قال أتى بالمخدرات وما شابه ذلك بمقابل المسبحة إذن من يمسك المسبحة أن صح نقول له طالما قورن بالمدمن وغيره ، ولكن لما نقيس المسألة قياسا صحيحا وتضع من يسبح بالحصى بمقابل ما كان يفعله الصحابة ، فتستشنع من يسبح على الحصى فالمقاييس عندنا معكوسة فنحن نريد أن نقيمها نبين كيف كان الجيل الأول ينكر لأنهم أفضل الناس علما وأفضل الناس عملا وأرق الناس قلوبا فعبد الله بن مسعود أبو موسى الأشعرى أنكروا هذا أنكروا مجرد التسبيح المبتدع إنما يريد أن يسلك بدعته اعتبارا بدليل الأصل ، بعض الناس لما سمع هذا الحديث جاء وقال : ألم يقل الله سبحانه وتعالى" اذكروا الله ذكرا كثيرا" فجعل الذكر مطلقا فلماذا تريد أن تقيده ؟ إذا كان الله سبحانه وتعالى قال " اذكروا الله ذكرا كثيرا" وهو مفعول مطلق فمن المفروض الذكر يكون مطلق فما تقيدونه ؟ هذا يرد على أبن مسعود ويرد على أبو موسى الأشعرى لأنهم أنكروا مثل هذا الفهم المطلق فلا يجوز لنا أن نطلق فهما كان الصحابة يرونه مقيدا ، العبرة بهم ، النبى (ص) لما علم الصحابة قال لبعض زوجاته أو لبعض النساء : " واعقدن التسبيح بالأنامل فأنهن مسئولات مستنطقات " التسبيح بالآنامل وهى أطراف الأصابع أذن التسبيح يكون بأطراف الأصابع وليس بالعقلة ، ومن استهون مثل هذا استهون غيره "
حديث أن الأنامل مسئولات مستنطقات يخالف أن لا أحد يسئل يوم القيامة وإنما توجد شهادة من الأعضاء السمع والبصر والجلود على صاحبها كما قال تعالى :
" وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم"
مشكلة المبتدع أنه يعتقد بدعته دينا لذلك مهما جئته بكل آية لا يسلم أذكر فى رمضان الماضى سأل سائل سؤال بدرس عن قراءة سورة الإخلاص( قل هو الله أحد) بوسط صلاة التراويح أهى سنة أم بدعة ؟ فقلنا له بدعة ، فأخذ السائل هذا الكلام وقاله لأبيه وكان أبيه رأس البدعة ببلده فهو الذى يبدأ بالقول (قل هو الله أحد) والبطانة معه من المصلين ، فذهب السائل وأنكر هذا الكلام على أبيه ، فجاء أبوه بموعد الدرس الثانى واستمع وبعض أن أنفض المجلس جاء فقال : أنت قلت لإبنى أن قول (قل هو الله أحد) بصلاة التراويح بدعة ؟ قلت نعم قال : ( قل هو الله أحد ( ثلث القرآن بدعة - رأيت الكلام والأسلوب - قلت : أنا ما قلت أن قراءة القرآن بدعة ، وقلت أن ذكرك ( قل هو الله أحد) بذلك الموضع هو البدعة ، قال أنا ارتكبت حرام ؟ أنا أقرأ القرآن كل حرف بعشر حسنات ، وهكذا المبتدع يحاول شدك لخارج الميدان وسياق أصل الموضوع فقلت له : لو أنك عطست الآن ماذا تقول ؟ قال : أقول : الحمد لله أو الحمد لله على كل حال فقلت له : هل يجوز أن تقول الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ؟ قال : لا قلت : لماذا هل الصلاة على الرسول حرام ، هل تحرم الصلاة على الرسول ؟ فقال : كيف هذا الله سبحانه وتعالى يقول"يأيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" فقلت له : إذن ما خلاصة الأمر؟ أقول الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله قال : لا وهذا يا اخوان من فضل الله عز وجل أن هذا الرجل اختصر المسافة لأنه لو كان كابر وقال نعم أصلى كان سيجعلنى أبحث عن دليل آخر لكن من فضل الله عز وجل أنه اختصر المسافة ، فقلت له لماذا لم نصلى على الرسول فى العطاس قال : لأن الرسول لم يقل هذا ، قلت له : نفس جوابى هو جوابك لأن الرسول (ص) لما كان يصلى صلاة التراويح هل كان يقرأ (قل هو الله أحد) ؟ فسكت قليلا وقال : هذا يعنى أنا منذ ستين سنه مخطىء ، وما المانع ، فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقولون كنا ضلالا حتى جانا رسول الله (ص) ، فما المشكلة أن أكون مخطىء فأعود للحق فأحمد الله أنك رجعت للحق ، غيرك مات وهو مخطىء فأحمد الله أن مد فى عمرك وأن سخر لك من يخبرك الحق وجعلك تقبل الحق ، فمضى الرجل لا يستطيع أن يرد ولم يقتنع ، وهذه المشكلة البدعة يظن صاحبها المبتدع أنه دين لذلك كانت المعصية أفضل من البدعة ، الزانى أفضل من المبتدع ، شارب الخمر أفضل من المبتدع ، قاتل النفس أفضل من المبتدع وليس معنى أفضل بالطبع أن القتل حلال لا طبعا إنما تفاضل بالشر ككفر دون كفر وظلم دون ظلم لماذا ؟ لأن أى عاصى يعلم أن المعصية حرام وأن كابر فيها فأن علم أنها حرام يمكن أن يخرج منها يوما بالتوبة "
الحوينى رد الخطأ بخطأ فلا يوجد فى الإسلام صلاة تراويح فكل الروايات ليس فيها هذا الاسم وحتى الروايات المروية تقول أن النبى توقف عن صلاة الليل تلك حتى لا تفرض على المسلمين فى رمضان وهذا هو نص الرواية:
"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلاَّ أَنِّي خَشِيْتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ}. رواه البخاري ومسلم وأبو داود"
ثم حدثنا الحوينى عن حكاية حدثت معه عن رجم الزانى المتزوج فقال:
"كنت فى سنة من السنوات أخطب الجمعة بالقاهرة هنا وأتكلم عن الرجم الزانى المحصن أنه يحفر له حفره أذا زنى وحده أن يرجم بالحجارة حتى يموت ومضيت بالكلام وكان جزء من الخطبة وبعد ما أنهيت الخطبة والدرس وجدت رجل عمره فى نحو السبعين أو الثمانين وكان يقف أمامى وهو يرتعد فقلت هذا رجل أعصابه متعبه وأطرافه تهتز وكان كذلك ولكن لم يكن المرض العصبى الذى عنده هو السبب المباشر فقط وهذا الرجل يسكن بعيدا عن المسجد رجع لبيته ثم صار مره أخرى إلى المسجد فقابلنى وقال لى أريدك على انفراد وقال لى أنا رجل عشت طيلة حياتى زانى وأول مرة أسمع مثل هذا الكلام الذى تقوله وقال كنت أود الخروج أثناء الخطبة من المسجد كنت أحس أنك ترجمنى بالحجارة ولكن استحييت أن أقوم من المسجد وكنت أحس أنى أرجم بالحجارة أثناء الكلام انتهت الصلاة ما استطعت الجلوس بالمسجد ذهبت للبيت ما استطعت المكوث به ولم أستطع القيام ولا الأكل ولا الشرب بيتى بعيد وليس عندى سيارة والمشوار مكلف بالنسبة لى رجعت لسؤال سؤال واحد هل من الممكن أن تقبل توبتى ؟ هذا الرجل الذى يقترف جريمة الزنى من ثلاثون أو عشرون سنة هل كثرة الزنى جعلته يعتقد أن الزنا حلال ؟ لا - يعرف أن الزنى حرام نعم يعرف أن الزنى حرام ولا يمكن لإنسان أن يعتقد فى شىء حرام أنه حلال إلا إذا كان جاهل بالمرة بهذا الشىء ، الرسول (ص) لما قسم الأشياء جعلها ثلاثة الحلال بين والحرام بين ، فالحلال المحض بين لا يحتاج إلى برهان ، والحرام المحض بين وقد قال بعض العلماء كيف لا يفطر الإنسان على معرفة الحلال المحض من الحرام المحض وقد فطر الله الحيوانات على معرفة ذلك ، وضرب المثل الذى نعرفه جميعا أنك إذا أعطيت القط قطعة لحم أكلها جنبك أما إذا خطفها يولى مسرعا ، فلماذا يولى إذا خطفها ؟ لأنه سارق أما إذا أعطيتها له يأكلها بجوارك لأنك أعطيتها له من الحلال فالإنسان الذى أعطاه الله زينة العقل لا يعرف الحلال المحض لا يعرفه ولكن يكابر "
قطعا الحوينى لكونه قضى حياته يدرس الروايات لم يدرس تناقض روايات رجم الزناة مع آيات القرىن التى تقضى بجلد الزناة فآية الزنى لم تحد محصنا أى متزوجا أو غير متزوج وكذلك آية زنى الأمة المحصنة التى تقضى بنصف العقاب كما قال تعالى"فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب" ولا آية زوجات النبى(ص) التى تقضى بمضاعفة العقاب على الزانية منهن وهما شيئان لا يمكن تطبيقهم فى الرجم فلا يمكن أن يكون هناك نصف موت أو موتتين فالإنسان يموت مرة واحد فى دنياه
والخطأ الأخر تصديق رواية الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات"
رواية متناقضة فكيف يكون الحلال بين والحرام بين ويكون بينهما مشتبهات فالبين والبين لا يمكن أن يوجد بينهما شىء لأنهما كلاهما بين أى واضح معروف للكل
ونجد الحوينى يفرق بين البدعة والمعصية ولا أدرى كيف تكون البدعة ضلالة وفى النار ولا تكون معصية كما استشهد بهذا القول
البدعة هى معصية لا يمكن أن تكون غير هذا وفى هذا قال:
"والبدعة أحب إلى إبليس من المعصية قال بذلك علمائنا قال بها سفيان الثورى وغيره من العلماء البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن البدعة لا يتاب منها أما المعصية يتاب منها ، ومن أظهر الدلائل على أن إبليس لا يقترف بالمعصية حديث جابر الذى رواه الأمام مسلم فى صحيحه قال قال رسول الله (ص) : " أن إبليس يضع عرشه على الماء . . " ومعنى يضع عرشه على الماء هو الكرسى ويجلس عليه ويرسل سراياه تترا إلى بنى آدم وتترا أى بعضها خلف بعض ولو أننا نعمل كالأبالسة لكنا من المصطفين الأخيار ، فهم لا يكلون لا ينامون لا يهدئون وإبليس لا يحاسب كل شهر أو كل أسبوع إنما يحاسب كل يوم فيرسل سراياه تترا ويقفوا بعد ذلك طابور وهو جالس على الكرسى وكل واحد يعطيه التقرير فيقول الأول : ما تركته حتى فعل كذا وكذا ونحن من الممكن نستنبط من عندنا كذا وكذا . . فمثلا يقول ما تركته حتى زنا ، فيقول إبليس لم تصنع شيئا ثم يسأل الأخر وأنت فيقول لم أتركه حتى قتل أخاه ، فيقول : لم تصنع شيئا ثم يسأل وأنت ماذا فعلت فيقول لم أتركه حتى شرب الخمر فيقول لم تصنع شيئا ثم يسأل الأخر وأنت فيقول لم أتركه حتى سرق فيقول لم تصنع شيئا ثم يسأل الأخر وأنت فيقول لم أتركه حتى فرقت بينه وبين أهله حين إذن يقوم من على الكرسى ويعتنقه ويلتزمه ويقول له : نعم أنت أنت أنت ، الطلاق حلال أم حرام ؟ طبعا حلال ، حتى الطلاق بدون سبب مباح والذى يجعل للطلاق علة مخطىء فالرسول عندما طلق جاءه جبريل قال له أن الله يأمرك أن ترد حفصة فأنها صوامة قوامة ، أيوجد أكثر من ذلك ؟ الطلاق مباح ولكن هل الزنا حلال الخمر حلال السرقى حلال ؟ أبدا وكان من المفروض أن إبليس لما يقول له لم أتركه حتى زنى أن يعانقه ، فكيف يعظم إبليس شىء من المباحات ولا يقترف بالكبائر، لأن العبد أن ملىء الأرض خطايا وقلت يا رب تبت قال : غفرت ، فيذهب كل جهد إبليس هدر، لذا إبليس لا يهتم بالمعصية لأن العبد أن تاب تاب الله عليه ، لأن العبد أن ظل مائة عام يعصى الله فوفقه الله للتوبة وعمل الصالحات غفر الله له وذهب كل جهد إبليس سدى ولا أدل على هذا إلا قصة الرجل الذى قتل تسعة وتسعون نفسا وعندما سأل العابد وقال له هل لى توبة فأكمل به المئة فرجل قتل مئة نفس غفر الله له إذن المعصية لا قيمة لها عند إبليس إذ يتاب منها "
فى كلام الحوينى أخطاء عدة لأنه درس الحديث كأسانيد ولم ينظر فى المتون هل توافق كتاب الله أو هل توافق نفسها أو توافق الروايات غيرها
الخطأ ألأول وجود عرش إبليس على الماء ألم يقرأ الرجل يوما قوله تعالى " وكان عرشه على الماء"
فجأة أصبح إبليس مماثل لله وهو امر غير ممكن فإبليس ليس له عرش وهو فى النار منذ طرد فى الجنة كما قال تعالى "فاخرج منها فإنك رجيم"وقال " وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين"
فاللعنة هى العذاب وهو مسلط عليه فى النار حتى القيامة
الخطأ الثانى أن إبليس اعتبر أعظم فرح له هو طلاق الزوجين وهو حكم أباحه الله والكافر أيا كان يفرح بالمعصية وليس بطاعة الله فأى هبل فى الرواية تجعل هناك من يصدقها
الخطأ الثالث وهو مشترك مع الفقرة القادمة وهو أن لا توبة من البدعة وفيه قال الحوينى:
"أما البدعة فلا يتاب منها لأن العبد يعتقدها دينا ومن الأدلة الواضحة التى ذكرت بكتب التاريخ قصة الجعد بن درهم وهو رأس الجهمية القدرية رأس المعطلة أخذ البدعة عن ابن سمعان ، وابن سمعان أخذها عن طالوت ، وطالوت أخذها عن لبيب بن الأعقم اليهودى الذى سحر للرسول (ص) فأنظر إلى الإسناد لهذا المذهب الردىء ، والجعد بن درهم قال أن الله لم يكلم موسى تكليما ولم يتخذ إبراهيم خليلا وهذا مضاد لما جاء بالقرآن (وكلم الله موسى تكليما) (وأتخذ الله إبراهيم خليلا) فلماذا أنكر هذا الرجل ؟ قال لأن الكلام يحتاج للسان وشفتين وسقف حنك وحنجرة وهواء والله منزه عن ذلك إذن الله لم يتكلم لأن أثبات الكلام يعنى أثبات الجارحة والله ليس كمثله شىء إذن الله غير متكلم وهكذا . . . حتى نفى كل صفات الله ، فصار يعبد عدما لأنه إله لا سميع ولا بصير ولا عليم ولا متكلم ما هذا أخلقه أحسن منه ؟! فالإنسان بصير سميع متكلم إذن هذا المعطل لصفات الله يعبد عدما ، فلما أظهر هذه المقالة الشنيعة طالبه الحاكم آن ذاك وكان خالد بن عبد الله القسرى وأرسل الشرطة فقبضوا عليه ، فتم تقييده وحبسه وكان من الممكن أن يتوب ولكن أبدا لم يتب ولم ينزع وظل محبوس لعيد الأضحى وجاءوا به مقيد ووضع تحت المنبر وخطب خالد بن محمد القسرى خطبة العيد فختم خطبته بقوله : " يأيها الناس ضحوا فأنى مضحى بالجعد بن درهم " فأنه يزعم أن الله لم يكلم موسى تكليما ولم يتخذ إبراهيم خليلا فنزل فذبحه فى أصل المنبر فشكر له علماء المسلمين ذلك "
لا يوجد ذنب لا يتاب منه كما قال تعالى :
"قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم"
وكلام الحوينى عن التسبيح لو اعتبرناه صحيح فابن شيخ الطريقة تاب وسمع كلام الحوينى وأنكر على والده ومن ثم يكون كلامه عن تلك التوبة مناقض لما يقوله من عدم التوبة من البدع
فأنظر لخطورة البدعة فالله رخص للمسلم أن يتكلم بكلمة الكفر لينجو قال سبحانه وتعالى (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالأيمان) ونزلت هذه الآيات فى عمار بن ياسر وكان ضعيفا نحيلا أمسك به الكفار وعذبوه العذاب الأليم واشترطوا عليه أن يسب الرسول (ص) حتى يتركوه فلم يتحمل العذاب فقال لهم ماذا أقول قالوا قل هو ساحر هو كاهن هو مجنون فقال ساحر كاهن مجنون فلما تركوه وبرد جلده لام نفسه وقال أقول هذا على من أخرجنى من الظلمات إلى النور كاهن ساحر كاذب ، فذهب للنبى (ص) وقال له : ما تحملت قالوا لى قل كذا وكذا ، فقلت فقال له النبى (ص) : يا عمار ماذا تجد قلبك قال أجده مطمئن بالأيمان ، قال يا عمار أن عادوا فعد ، مع أن سب الرسول (ص) كفر وأتفق العلماء على أن من يسب الرسول يقتل وأن تاب لجناب الرسول (ص)وهذا حقه ، حتى يكون معظما بين الناس لأن من الممكن أن يكون هذا الراجع كاذب فى رجوعه فلا ينبغى أن نترك العنان إلى كل من يسب الرسول ويقول بعدها أنا تبت فيسبه آخر ويقول تبت ، لا - حرمة الرسول (ص) ليست كذلك ، أن الذى يسب الرسول يقتل فإن كان تاب حقا فحسابه بينه وبين الله وأن لم يكن فمات وهذا باتفاق العلماء ، فسب الرسول من أكبر الأشياء وبالرغم من هذا يقول له النبى إن عادوا فعد إذن يرخص للمسلم إذا وقع بمثل هذه المواقف أن يصرح بكلمة الكفر ، فكان من الممكن أن يقول الجعد بن درهم : كنت مخطىء كان فهمى خاطىء ويقول بعدما أفهمتونى وعرفتمونى الحق وينقذ نفسه ولو كان كاذبا ، إلا أنه فضل أن يقتل ولا يرجع عن هذه البدعة ، لما ؟ لأنه يعتقدها دينا لو أنك ذهبت لعالم من علماء المسلمين الأفذاذ وقلت له أرجع عن دينك يرجع ؟ لا يرجع أبدا كذلك المبتدع لا يرجع أبدا ، لذلك البدع خطيرة جدا جدا .
كل الذى بيناه الآن من الخبث أصله البدع ، لو أننا هجرنا المبتدعة فى الله مع مراعاة الأحكام الشرعية الخمسة و مع مراعاة ضبط المصالح والمفاسد ، لو هجرنا المبتدعة فى الله لزلوا .
هم الآن أطول الناس أعناقا ، الذين يدعون الآن لاجتماع شمل المسلمين واهمون كيف تجمع ما بين رجل يقول: الله موجود فى كل مكان وما بين رجل يقول الله فى السماء وهو القول الحق .
الذى يقول أن الله موجود فى كل مكان يتهم الذى يقول أن الله فى السماء أنه مجسم فهناك اتهامات متبادلة تجمع بينهم كيف يا رجل ؟ كيف تجمع فى رجال اختلفوا فى ربهم ؟ وهناك من يقول الله لا فوق ولا تحت ولا وراء ولا أمام ولا خارج العالم ولا داخله . لما سمع العلماء هذا القول فاجتمعوا فقال قائل منهم هذا القول فقال العلماء هؤلاء قوم ضيعوا ربهم ، إذن أين هو لا تحت ولا وراء ولا خارج العالم ولا داخله إذن ذهب إلى أين ضيعوا ربهم "
أضحكنى الحوينى هنا ما بين عقيدتين الله فى كل مكان والله فى السماء وكلاهما كالأخرى تناقض كتاب الله بل إن هناك روايات تناقض الاثنين وتقول أنه خارج السموات فوق العرش
الله لا يحل فى الأماكن فوق أو تحت لأنه خارج الكون وهو المكان فإذا كان الخلق فى المكان فلابد أن يكون الله خارج المكان كما قال تعالى " ليس كمثله شىء"فالخالق لا يشبه المخلوقات
إن أى قول يقول الله فى مكان محدود أو غير محدود لا يمكن أن يكون سوى مخالفة صريحة لدين الله
ويكمل الحوينى كلامه الناتج من اعتماد الروايات وأخذ بعض كلام القرآن على ظاهر مع وجود آية مقيدة للكل وهى " ليس كمثله شىء" فيقول:
"كذلك الصحابة كانوا يقولون كما كان يقول القرآن والسنى ولذلك نحن نقول كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة ماذا تريد أن تجمع أجساد متراصه؟ أنا أرى الى جانبى مبتدع ضال مضل وأنا أرى كذلك فما هو النفع أن تجمعنى به ؟ ياجماعة فلنكن صرحاء الذى حدث بأفغانستان واضح جدا للعيان هم عبارة عن رايات متفرقة كل شخص له عقيدة ثانية أشعرى وجهمى وقدرى وسنى وشيعى فلما جاء الروس قالوا نجتمع كلنا مع بعض ولما خرج الروس انخرطوا فى قتال بعضهم البعض ، وهذا شىء طبيعى جدا لأن كل إنسان يقول أنا أريد أن أمكن لدينى وعقيدتى بالأرض ، فيقول أنت تقول أن الله على العرش استوى بمعنى جالس على العرش يعنى جسم فأنت تجسم ربك ، فيقول لا يمكن أن أمكن لك لكى تنشر هذا المذهب الردىء ومن هنا جاء تطاحنهم مع بعضهم البعض ، لو كانوا قبل أن يجتمعوا موحدين حقا لكانوا لم يطهروا أفغانستان من الروس فحسب و لكن لكانوا التهموهم والصحابة كانوا قله ونأخذ العبرة بيوم بدر ثلاثمائة وأربعة عشر رجل لم يخرجوا لقتال لم يتأهبوا ليس معهم غير فرسين أثنين تشبه الآن الطائرات القاذفة المقاتلة اثنين فقط والرسول (ص) لم يخرج لكى يقاتل فخرج لهم ألف رجل لقتالهم فماذا فعلوا فيهم قتلوا صناديدهم ، سبعون صنديد جاسر عنيد قتلوهم ثلاثمائه وأربعة عشر وكان أبو جهل ومن معه يذبحون باليوم عشر جمال ويأكلوا والصحابة الفقراء كانوا يقتسموا التمرات ، يقسم التمرة شطرين ويعطى أخيه واحده ، فى غزوة سيف البحر جابر بن عبد الله الآن صارى كان يقول كنا نضع التمرة تحت لساننا نمصها كما يمص الصبى ونشرب عليها الماء ، سعد بن أبى وقاص كان يقول كنا نأكل ورق الشجر ، وهؤلاء من أعز الله بهم الإسلام لأنهم كانوا على قلب رجل واحد ، قصة الرجل الذى طلب الماء وهو بالرمق الأخير وعندما جاء يشرب وجد أخوانه يقولون الماء ، قال أعطى أخى وهو بالرمق الأخير يموت فسمع رجل يطلب الماء فقال أعطى يا أخى كل منهم يقول أعطى يا أخى فالأخير قال أعطى أخى فلما جاءه وجده مات فمر عليهم جميعا فوجد العشرة ماتوا ولم يشربوا الماء فقبل ان ندعو المسلمين جميعا إلى توحيد الصفوف قل وحدوا الله أولا ، كلمة التوحيد أولا إذا اجتمعنا عليها هان كل شىء أما الآن العقيدة الرسمية التى تدرس هى عقيدة الأشاعرة ، أين الله يقولون فى مكان ، ما هو الحلول إلا كذلك وأنه قول أقبح من قول النصارى لأن النصارى اقتصروا الحلول بالمسيح وأمه أما هؤلاء يجعلون الله يحل بكل مكان وهذا من قولهم وهو كما قلنا أقبح من كلام النصارى أنفسهم ."
الحوينى هنا كما يقول المثل جاء يكحلها عماها فما هو الفارق بين من يقول الله فى السموات والأرض وهو معنى وجوده تعالى عن ذلك فى كل مكان وبين من يقول بوجوده فى واحد من الاثنين وهو السماء؟
لا يوجد فارق فكلاهما يجسمانه ويحلانه فى المكان والأشعرية لهما دليل من القرآن وهو قوله " وهو فى السماء إله وفى الأرض إله "والسنية لهم دليل أيضا وهو قوله " أامنتم فى السماء"
وهذه الأدلة ناتجة من الفهم الخاطىء فمعنى قوله تعالى وهو فى السماء إله وفى الأرض إله هو وهو لإله فى السماء وإله فى الأرض ومعنى قوله أامنتم من فى السماء أمنتم إله فى السماء
فالله هو إله الجميع ومن ثم لا يمكن أن يكون لا فى السموات ولا فى الأرض لأن معناه هو أن بعض المخلوقات فى حالة السموات جزء من الله وفى القول الثانى المخلوقات ككل هى الله وهى أقوال لا يمكن أن يتصورها مسلم لأن الله كان قبل الخلق