سورة يوسف
سميت السورة بهذا الاسم لذكر قصة يوسف (ص)فيها .
"بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب المبين "المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل ذلك أحكام الوحى العظيم ،يبين الله لنا أن اسمه وهو حكمه وهو الرحمن الرحيم أى النافع المفيد هو أن الر تلك آيات الكتاب المبين والمراد أن العدل هو أحكام القرآن الحكيم مصداق لقوله بسورة لقمان"تلك آيات القرآن الحكيم "،والر من الحروف المقطعة وأشار الله لمعناها باسم الإشارة تلك فكل ما يكون بعد اسم الإشارة يطابق فى المعنى ما قبله وآيات الكتاب معناه العدل أى الصدق أى الحق والخطاب للناس وما بعده.
"إنا أنزلنا قرآنا عربيا لعلكم تعقلون "المعنى إنا أوحيناه حكما واضحا لعلكم تطيعون ،يبين الله للناس أنه أنزل الكتاب قرآنا عربيا والمراد أنه أوحى الكتاب حكما مفهوما مصداق لقوله بسورة الرعد "وكذلك أنزلناه حكما عربيا"والسبب لعلهم يعقلون أى يطيعون الكتاب أى يسلمون مصداق لقوله بسورة النحل"لعلكم تسلمون".
"نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين "المعنى نحن نحكى لك أفضل الحكايات بما ألقينا لك هذا الكتاب وإن كنت من قبله لمن الجاهلين ،يبين الله لنبيه(ص)أنه يقص عليه أحسن القصص والمراد أنه يوحى له أفضل الحكايات بما أوحى له هذا القرآن والمراد بما أنزل له هذا الكتاب ويبين له أنه كان من قبله أى من قبل نزول القرآن من الغافلين أى الضالين مصداق لقوله بسورة الضحى"ووجدك ضالا فهدى "وهذا يعنى أنه كان لا يدرى شىء عن الكتاب مصداق لقوله بسورة الشورى "ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان "والخطاب للنبى(ص) وما بعده حتى نهاية القصة ومنه للناس ومنهم من سألوه عن يوسف(ص).
"إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إنى رأيت أحد عشرا كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين "المعنى لقد قال يوسف(ص)لوالده يا والدى إنى شهدت أحد عشر نجما والشمس والقمر شاهدتهم لى مكرمين،يبين الله لنبيه(ص)أن يوسف )(ص)تحدث مع أبيه وهو والده يعقوب(ص)فقال يا أبت أى يا والدى :إنى رأيت أى شاهدت فى الحلم أحد عشر كوكبا أى نجما والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين أى شاهدتهم فى الحلم لى معظمين .
"قال يا بنى لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين "المعنى قال يا ولدى لا تحكى حلمك لإخوتك فيمكروا بك مكرا إن الشهوات للفرد كارهة عظمى ،يبين الله لنبيه(ص)أن يعقوب(ص) قال ليوسف(ص) يا بنى أى يا ولدى لا تقصص رؤياك على إخوتك والمراد لا تحكى منامك لإخوتك لأنك لو حكيت فيكيدوا لك كيدا والمراد فيدبروا لك مكر يؤذوك به وهذا يعنى أنه عرف أن يوسف (ص)سيكون له شأن فى المستقبل وإخوته لو عرفوا هذا سيحقدوا عليه بسبب هذا ومن ثم فهو يريد منع وقوع الشر بينهم وقال :إن الشيطان للإنسان عدو مبين أى إن الشهوات كارهة كبرى وهذا يعنى أن شهوات الإخوة ستكون السبب فى وقوع الخلاف .
"وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم واسحق إن ربك عليم حكيم "المعنى وهكذا يختارك إلهك ويعرفك من تفسير الأحلام ويكمل منحته لك و لأهل إسرائيل كما أكملها لوالديك من قبل إبراهيم(ص)وإسحاق(ص)إن إلهك خبير قاض بالحق ،يبين الله لنبيه (ص)أن يعقوب (ص)قال ليوسف(ص)كذلك أى بتلك الطريقة وهى الحلم يجتبيك ربك أى يختارك إلهك وهذا يعنى أنه أخبره أنه سيكون رسولا للناس ،ويعلمك من تأويل الأحاديث والمراد ويعرفك من تفسير الأحلام وهذا يعنى أن الله سيعرفه طريقة تفسير الأحلام ليكون دليل على رسوليته ،ويتم نعمته عليك أى ويكمل منحته وهى وحيه لك فى المستقبل كما أتمها على أبويك من قبل والمراد كما أكمل الوحى لوالديك إبراهيم (ص)وإسحاق(ص) وهذا يعنى أن الله سينزل عليه وحى كامل كما نزل وحيا كاملا على الأبوين ويبين له أن ربه عليم حكيم أى أن خالقه خبير بكل شىء قاض بالعدل .
"لقد كان فى يوسف وإخوته آيات للسائلين إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفى ضلال مبين "المعنى لقد كان فى يوسف (ص)وإخوته عبر للمستفهمين حين قالوا ليوسف وأخوه أفضل عند والدنا منا ونحن جماعة إن والدنا لفى كفر عظيم،يبين الله لنبيه(ص)أن فى قصة يوسف(ص)وإخوته آيات للسائلين والمراد عظات للطالبين معرفة قصته وهذا يعنى أن بعض الناس طلبوا من النبى (ص)إخبارهم بقصة يوسف (ص)وإذا قلنا أن الله يبين لنبيه (ص)فهذا معناه أنه يبين للسائلين ولنا القصة ويبين له أن الإخوة قالوا لبعضهم ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا والمراد إن يوسف(ص)وأخوه أحسن لدى والدنا منا وهذا يعنى أنهم يظنون أن يعقوب(ص)يفضل يوسف وأخوه عليهم لأنهما من أم والأخرون من أم أخرى وقالوا إن أبانا لفى ضلال مبين والمراد إن والدنا لفى كفر كبير وهذا يعنى أنهم يتهمون الأب بظلمهم ومخالفته لحكم الله .
"اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخلو لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه فى غيابات الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين "المعنى اذبحوا يوسف وارموه بعيدا يتسع لكم قلب والدكم وتصبحوا من بعده مسلمين قال واحد منهم لا تذبحوا يوسف وارموه فى ظلمات البئر يأخذه بعض المارة إن كنتم صانعين ،يبين الله لنبيه(ص)أن بعض الإخوة قالوا اقتلوا يوسف والمراد اذبحوا يوسف (ص)أو اطرحوه أرضا والمراد أو ألقوه بعيدا وهذا يعنى أن يذبحوه ويرموه على أرض بلد بعيدة ويبين لهم نتيجة القتل وهى أن يخل لكم وجه أبيكم والمراد أن يتسع لهم قلب والدهم وهذا يعنى أن يصبح قلب الأب خاليا من يوسف (ص)ومن ثم يمتلىء بهم وهى نتيجة خاطئة لأن الأب سيحزن عليه وبالتالى لن يتسع لهم كما يأملون ،وقال وتكونوا من بعده قوما صالحين والمراد وتصبحوا من بعد قتل يوسف ناسا مسلمين وهو قول خاطىء لأن الصلاح لا يقوم على الباطل الممثل فى القتل فقال قائل أى واحد منهم لهم استفظع قتل يوسف(ص):لا تقتلوا يوسف أى لا تذبحوا يوسف وهذا نهى لهم ،وألقوه فى غيابات الجب والمراد وضعوه فى ظلمات البئر يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين والمراد يصطحبه بعض المارة إن كنتم صانعين ،وهذا يعنى أن الأخ اقترح طريقة لإبعاد يوسف (ص)وهى وضعه وهو نائم فى ظلمة البئر حتى يأخذه بعض المارة الذين يأتون لملء الدلاء من البئر فيصطحبه معه لخدمته أو بيعه أو غير هذا وكان هذا الاقتراح سبب فى حياة يوسف (ص)فقد قبلوا به وعملوا به .
"قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون "المعنى قالوا يا والدنا ما لك لا تصدقنا فى يوسف وإنا له لمخلصون ابعثه باكرا يتمتع ويلهو وإنا له لصائنون ،يبين الله لنبيه(ص)أن بداية خطة الإبعاد كانت هى الذهاب إلى الأب وقول الأبناء له يا أبانا أى يا والدنا ما لك لا تأمنا والمراد ما السبب فى أنك لا تصدقنا فى حبنا ليوسف وإنا له لناصحون أى لمخلصون أى لمحبون ،وهذا القول منهم استثارة للأب حتى يفعل ما يريدون فهم بذلك يعلنون له أنه لا يثق فى حبهم ليوسف (ص)(ص)وهو حتى يثبت لهم عكس ذلك فسيعطيهم يوسف(ص)وقالوا أرسله معنا أى إبعثه معنا غدا أى باكرا يرتع أى يلعب أى يلهو وإنا له لحافظون أى لحامون من كل خطر ،وهذا يعنى أنهم يريدون مجىء يوسف(ص)معهم حتى يسعد باللعب وهم سيحمونه من أى خطر وهذا إعلان للأب أنهم يريدون سعادة يوسف (ص)مع حمايته من أى خطر فى نفس الوقت .
"قال إنه ليحزننى أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون "المعنى قال إنه ليخيفنى أن تأخذوه معكم وأخاف أن يفترسه الديب وأنتم عنه ساهون ،يبين الله لنبيه (ص)أن يعقوب (ص)قال للأولاد:إنه ليحزننى أن تذهبوا به والمراد إنه ليخيفنى أن تأخذوه معكم وفسر قوله بقوله وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون والمراد وأخاف أن يفترسه الذئب وأنتم عنه بعيدون وهذا القول يبين لنا الأب لم يمانع فى ذهاب يوسف (ص)معهم ولكنه بين لهم خوفه من ذهابه وبين لهم سبب خوفه وهو الخوف من افتراس الذئب ليوسف(ص)وهم غائبون عن مكان وجوده وهذا يعنى أنه لا يتهمهم بالتدبير وإنما يرجع الأمر كله إلى الغفلة وهى النسيان غير المتعمد.
"قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون "المعنى قالوا لئن افترسه الذئب ونحن جماعة إنا إذا لناقصون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الأبناء ردوا على الأب فقالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة والمراد لئن افترسه الذيب ونحن جماعة إنا إذا لخاسرون أى لناقصو القوة وهذا إعلان منهم أن جماعتهم الواحدة إذا افترس الذئب يوسف(ص)منها ستكون خاسرة أى ناقصة القوة ومن ثم سيعملون على ألا يحدث هذا حتى لا تضعف جماعتهم .
"فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابات الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون "المعنى فلما انطلقوا به واتفقوا أن يضعوه فى ظلمات البئر وألقينا له لتخبرنهم بمكرهم هذا وهم لا يعلمون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الإخوة لما ذهبوا به والمراد لما انطلقوا به إلى ملعبهم بعد أن أجمعوا أمرهم والمراد بعد أن وحدوا قرارهم أن يجعلوه فى غيابات الجب والمراد أن يضعوه نائما فى ظلمات البئر ويبين الله له أنه أنزل وحى إلى يوسف(ص)قال له فيه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون والمراد لتخبرنهم بمكرهم هذا وهم لا يعرفون وهذا يعنى أنه سيقص عليهم فى المستقبل حكاية وضعه فى البئر وهم لا يعرفون أنه يوسف(ص).
"وجاءو أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين"المعنى وأتوا والدهم ليلا يدمعون قالوا يا والدنا إنا انطلقنا نتسارع وأودعنا يوسف عند منافعنا فافترسه الذئب وما أنت بمصدق قولنا ولو كنا مؤمنين ،يبين الله لنبيه(ص)أن الأبناء جاءوا أباهم عشاء يبكون والمراد حضروا عند والدهم ليلا ينتحبون وهذا يعنى أنهم اختاروا وقت الإضاءة الضعيف حتى لا يلحظ الأب تمثيلهم البكاء فقالوا له إنا ذهبنا نستبق والمراد إنا خرجنا نتنافس فى اللعب وتركنا يوسف عند متاعنا والمراد ووضعنا يوسف لدى منافعنا فأكله أى فافترسه الذئب وهذا يعنى أنهم لم ينفذوا ما أبلغوا الأب به وهو لعب يوسف بل هم الذين لعبوا وما أنت بمؤمن أى بمصدق لقولنا ولو كنا صادقين أى مؤمنين وهذا يعنى اتهامهم الأب أنه لن يصدقهم فى كون الذئب هو السبب فى ضياع يوسف(ص)وليس هم .
"وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون "المعنى وأتوا على ثوبه بدم زور قال لقد حسنت لكم أنفسكم سوء فاحتمال طويل والله المساعد على الذى تزعمون،يبين الله لنبيه(ص) أن الإخوة جاءوا على قميصه بدم كذب والمراد وضعوا على ثوب يوسف(ص)دم زور حيث ذبحوا حيوانا ووضعوا دم الحيوان عليه فقال لهم الأب بل سولت لكم أنفسكم أمرا والمراد لقد حسنت لكم أنفسكم سوء وهذا يعنى أنه يتهمهم بعمل السوء فى يوسف(ص)فصبر جميل أى فطاعة لحكم الله مستمرة رغم الضرر والله المستعان على ما تصفون والمراد والله المساعد على الذى تقولون وهذا يعنى أن الله سيقويه على احتمال المصيبة .
"وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون "المعنى وأتى مارة فبعثوا رائدهم فأنزل دلوه قال يا فرحتى هذا صبى وأخذوه تجارة والله خبير بما يصنعون،يبين الله لنبيه(ص)أن سيارة أى مارة أى مسافرين أتوا بالقرب من البئر فأرسلوا واردهم والمراد فبعثوا رسولهم إلى البئر لجلب الماء فأدلى دلوه أى فأنزل دلوه وهو آنية لحمل الماء من البئر وهو ينظر فرأى غلام فقال يا بشرى هذا غلام والمراد يا فرحتى هذا ولد وهو فرح لأنه يعرف أنه سيكسب من خلفه وأسروه بضاعة والمراد واتخذوه سلعة وهذا يعنى أنهم جعلوه أسير يبيعونه والله عليم بما يعملون والمراد والله عليم بالذى يفعلون مصداق لقوله بسورة يونس"إن الله عليم بما يفعلون ".
"وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين "المعنى وباعوه بسعر قليل دراهم قليلة وكانوا له من الرافضين ،يبين الله لنبيه(ص)أن السيارة الذين أسروا يوسف(ص)شروه بثمن بخس والمراد باعوه فى السوق بسعر قليل هو دراهم معدودة أى قليلة العدد والسبب فى ذلك البيع أنهم كانوا فيه من الزاهدين أى غير الراغبين والمراد أنهم كانوا غير راغبين فيه ثم إنهم لم يحضروه بتعب ولا دفعوا فيه شىء ومن ثم اعتبروا هذا الثمن كافيا لهم .
"وقال الذى اشتراه من مصر لامرأته أكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف فى الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"المعنى وقال الذى أخذه من مصر لزوجته أحسنى مقامه عسى أن يفيدنا أو نتبناه ابنا وهكذا مهدنا ليوسف(ص)فى البلاد ولنعرفه من تفسير الأحلام والله فاعل لإرادته ولكم معظم الخلق لا يدرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذى اشترى أى دفع المال لأخذ يوسف (ص)كانت بلده هى مصر ولما أحضره لبيته قال لامرأته وهى زوجته :أكرمى مثواه أى أحسنى مقامه والمراد أحسنى تربيته عسى أن ينفعنا أى يفيدنا فى أعمالنا أو نتخذه ولدا أى نتبناه ابنا لنا،ومن هنا نعلم أن الرجل وزوجته لم ينجبا أولادا ومن كلامه يتضح أنه يريد لهذا الولد أن يكون عظيما فى المستقبل حتى يفيده فى عمله أو يرثه بعد موته باعتباره ابنا متبنى،ويبين له أنه كذلك أى بطريقة دخوله بيت العزيز مكن ليوسف فى الأرض والمراد مهد ليوسف(ص) الأمر فى مصر حتى يحكمها ويبين لنا أنه علمه من تأويل الأحاديث أى تعبير الرؤيا مصداق لقوله بالسورة "إن كنتم للرؤيا تعبرون "والمراد تفسير الأحلام مصداق لقوله بنفس السورة "بتأويل الأحلام"وهذا يعنى أن تعليم يوسف (ص)تفسير الأحلام كان هدفه تمكين يوسف (ص)فى البلاد مستقبلا ويبين لنا أنه غالب على أمره أى فاعل لمشيئته والمراد قادر على تنفيذ إرادته وهى هنا تمكين يوسف (ص)فى مصر ولكن أكثر الناس لا يعلمون أى ولكن أغلب الخلق لا يشكرون مصداق لقوله بالسورة "ولكن أكثر الناس لا يشكرون "وهذا يعنى أن الخلق لا يطيعون حكم الله .
"ولما بلغ أشده أتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين " المعنى ولما وصل قوته أوحينا له وحيا أى معرفة وهكذا نثيب المصلحين ،يبين الله لنبيه (ص)ولنا أن يوسف لما بلغ أشده والمراد لما وصل قوته وهى سن الشباب أتاه الله حكما والمراد أعطاه الله معرفة وفسرها بأنها علما أى وحيا وكذلك أى بإنزال الوحى يجزى المحسنين أى يرحم الشاكرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"وسنجزى الشاكرين".
"وراودته التى هو فى بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربى أحسن مثواى إنه لا يفلح الظالمون "المعنى وحدثته التى هو فى مسكنها وأقفلت المنافذ وقالت أنا لك قال حماية الله إنه إلهى أكرم مقامى إنه لا يفوز الكافرون ،يبين الله لنبيه(ص)أن المرأة التى فى بيتها أى مسكنها يوسف (ص)راودته عن نفسه والمراد حدثته عن شهوته التى يسمونها الآن الشهوة الجنسية وقد غلقت الأبواب والمراد وقد أقفلت منافذ البيت ثم قالت له هيت لك أى أنا لك والمراد جسدى مباح لك تفعل به ما تريد فقال لها يوسف(ص)معاذ الله أى حماية الله لى والمراد أحتمى بطاعة الله من فعل الفاحشة إنه ربى أحسن مثواى والمراد إنه خالقى أكرم مقامى وهذا يعنى أن الله رفعه لمنزلة لا يريد الانحطاط عنها وقال إنه لا يفلح الظالمون أى أنه لا فوز المجرمون مصداق لقوله بسورة يونس"أنه لا يفلح المجرمون"وهذا يعنى أنهم يخسرون أنفسهم .
"ولقد همت به وهم به لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين "المعنى ولقد أرادته وأرادها لولا أن ذكر حكم خالقه هكذا لنبعد عنه الزنى أى المنكر إنه من خلقنا المطيعين ،يبين الله لنبيه (ص)أن المرأة همت به أى رغبت فى أن يمتعها يوسف (ص)وهم بها أى ورغب يوسف (ص)أن يتمتع بها والهم هنا هو حديث النفس ولكن الهم زال من يوسف (ص)لما رأى برهان ربه والمراد لما تذكر وحى إلهه وهو حكم الله فى الزناة وبتلك الطريقة وهى تذكر حكم الله صرف أى أبعد الله عن يوسف (ص)السوء وفسره بأنه الفحشاء وهى المنكر والسبب أنه من عباد الله المخلصين أى المؤمنين المطيعين لحكمه مصداق لقوله بسورة الصافات"إنه من عبادنا المؤمنين".
"واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدا الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب أليم "المعنى وجريا للمنفذ وقطعت ثوبه من خلف ولقيا زوجها عند المنفذ قالت ما عقاب من أحب بإمرأتك منكرا إلا أن يحبس أو عقاب موجع ،يبين الله لنبيه (ص)أن يوسف (ص)استبق الباب والمراد جرى نحو منفذ الخروج فجرت المرأة خلفه وقدت قميصه من دبر والمراد وقطعت ثوبه من الخلف وهى تحاول الإمساك به ليزنى بها فألفيا سيدها لدا الباب والمراد فوجدا زوجها عند المنفذ وهو يفتحه ووصف الله للزوج بالسيادة يعنى أن للرجل حكم المرأة فى المعروف ،فلما وجدت المرأة نفسها فى وضع مريب حيث التعرى والتجمل قررت أن تبرر الموقف بكذبة كبرى فقالت له:ما جزاء من أراد بأهلك سوءا والمراد ما عقاب من أحب بزوجك منكرا ؟ولم تكتف بالسؤال وإنما سألت سؤالا أخر تخير فيه الزوج بين تنفيذ عقاب من عقابين فقالت إلا أن يسجن أى يحبس فى المحبس أو عذاب أليم أى عقاب مهين له ؟فهى هنا جعلت نفسها الخصم والحكم .
"قال هى راودتنى عن نفسى وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين "المعنى قال هى حدثتنى عن شهوتى وحكم واحد من أسرتها إن كان ثوبه قطع من الأمام فعدلت وهو من الظالمين وإن كان ثوبه قطع من الخلف فظلمت وهو من العادلين ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوسف(ص)لما وجد نفسه وهو البرىء متهما لم يسكت وإنما قال :هى راودتنى عن نفسى والمراد هى من حدثتنى عن شهوتى أى هى التى طلبت منى الزنى ،وكان مع الزوج رجل من أهل الزوجة فشهد هذا الشاهد والمراد فحكم هذا الحاضر للموقف فقال إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين والمراد إن كان ثوب الفتى قطع من الأمام فعدلت المرأة بقولها وهو من الظالمين وهذا يعنى أن الرجل حكم بهذا لأن الراغب لو كان يوسف(ص) فهو يريد المهبل ومن ثم لابد أن يواجهها بوجهه و من ثم ستقطع الثوب وهى تدافع عن نفسها وقال وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين والمراد وإن كان ثوبه قطع من الخلف فافترت المرأة وهو من العادلين بقوله وهذا يعنى أن الشاهد بنى حكمه على أن الهارب يجرى خلفه الراغب ومن ثم يجذبه من الخلف لأنه أول ما يقابله منه ومن ثم سيقطع الثوب من الخلف .
"فلما رأ قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفرى لذنبك إنك كنت من الخاطئين "المعنى فلما شاهد ثوبه قطع من الخلف قال إنه من مكركن إن مكركن كبير يوسف تولى عن هذا واستعفى لجرمك إنك كنت من المجرمين ،يبين الله لنبيه(ص)أن الشاهد لما رأى قميصه والمراد لما شاهد ثوب يوسف(ص)قد من دبر والمراد قطع من الخلف قال لها :إنه من كيدكن أى مكركن إن كيدكن عظيم والمراد إن مكركن وهو تدبيركن كبير وهذا يعنى فى رأيه أن المرأة خططت للجريمة مسبقا فقال الرجل ليوسف (ص)يوسف أعرض عن هذا والمراد انسى هذا الأمر ولا تتكلم فيه مع أحد ثم قال للمرأة استغفرى لذنبك أى استعفى لجرمكم والمراد اطلبى ترك العقاب عنك إنك كنت من الخاطئين أى المجرمين وهذا يعنى أن سبب طلب العفو هو كونها أجرمت بفعلها لتلك الفاحشة .
"وقال نسوة فى المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها فى ضلال مبين "المعنى وقال إناث فى البلدة زوجة العزيز تحدث خادمها عن شهوته قد شغلها ودا إنا لنعرفها فى كفر كبير ،يبين الله لنبيه(ص)أن نسوة والمراد جماعة من نساء المدينة وهى البلدة سمعن من خدم بيت العزيز ما حدث من المرأة بسبب عراك الزوجين فقلن امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه والمراد زوجة الوزير تطالب خادمها بشهوته أى تطلب منه أن يزنى بها ،قد شغفها حبا والمراد قد شغلها ودا والمراد قد ملأ قلبها نار شهوته إنا لنراها فى ضلال مبين والمراد إنا لنعرف أنها على كفر كبير وهذا يعنى أنهن حكمن عليها بأنها خاطئة بسبب طلبها الزنى .
"فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن واعتدت لهم متكئا وأتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم"المعنى فلما عرفت بقولهن بعثت لهن وجهزت لهن مجلسا وأعطت كل واحدة منهن مدية وقالت ليوسف(ص)اطلع لهن فلما شاهدنه عظمنه وجرحن أكفهن وقلن الصدق لله ما هذا إنسان إن هذا إلا ملاك عظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن امرأة العزيز لما سمعت بمكرهن والمراد لما علمت بقولهن السيىء فيها من خدمها أرسلت لهن والمراد بعثت لهن الخدم يدعونهن للطعام واعتدت لهم متكئا والمراد وجهزت لهن مائدة وأتت أى وسلمت كل واحدة منهن سكينا أى مدية وكان الغرض منها فى الظاهر تقطيع الطعام وفى الباطن لها هدف أخر تحقق ،ثم قالت ليوسف(ص)اخرج عليهن والمراد اظهر لهن فخرج يوسف (ص)فلما رأينه أى شاهدنه أكبرنه والمراد عظمنه والمراد أعطينه مكانة أعلى من مكانته الحقيقية فقطعن أيديهن أى فجرحن أكفهن الممسكة بالطعام بالسكاكين من دهشتهن العظيمة لجماله ثم قلن حاشا لله أى الصدق لله ما هذا بشر أى إنسان إن هذا إلا ملك كريم أى ملاك كبير وبهذا القول تحقق الهدف الذى أرادته المرأة وهو أن تبين لهن أن سبب وقوعها فى الخطيئة لا يقاوم كما أنهن لم يستطعن أن يحسسن بجرح أيديهن .
"قالت فذلكن الذى لمتننى فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما أمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين "المعنى قالت فهذا هو الذى عاتبتمونى فيه ولقد حدثته عن شهوته فامتنع ولئن لم يصنع بى ما أوصيه ليحبسن وليكونا من الأذلاء،يبين الله لنبيه(ص)أن المرأة قالت للنسوة فذلكن أى هذا هو الذى لمتننى أى عاتبتمونى فيه والمراد إن كنتم رأيتموه مرة فقطعتن أيديكن فماذا أفعل أنا التى أراه كل يوم؟،ولقد راودته عن نفسه فاستعصم والمراد ولقد حدثته عن شهوته فامتنع عن امتاعى وهذا اعتراف منها ودليل على إرادتها تكرار الفجور ،وقالت ولئن لم يفعل ما أمره والمراد ولئن لم يصنع بى ما أطلبه منه ليسجنن أى ليحبسن وفسرت هذا بأنه يكون من الصاغرين أى الأذلاء وهذا تهديد له بالسجن حتى يستجيب لطلبها .
"قال رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم "المعنى قال إلهى الحبس أفضل لدى من الذى يطالبوننى به وإلا تبعد عنى مكرهن أستجب لهن وأصبح من الكافرين فحققه له إلهه فأبعد عنه مكرهن إنه هو الخبير المحيط ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوسف(ص)دعا الله لما وجد إصرار المرأة على أن يزنى معها فقال :رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه والمراد إلهى الحبس أحسن لدى من الذى يطالبونى به وهذا يعنى أنه يفضل الحبس على ارتكاب جريمة الزنى ،وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن والمراد وإلا تبعد عنى مكرهن أستجب لهن وهذا يعنى أن الله إن لم يبعده عن مكان وجود المرأة فسوف يستجيب لها نتيجة إلحاحها المستمر ،وأكن من الجاهلين أى وأصبح فى حالة زناى بها من الكافرين ،فاستجاب له ربه والمراد فحقق له إلهه طلبه وهو السجن حيث صرف عنه كيدهن والمراد حيث أبعد عنه مكر النسوة بأن سجنه العزيز ليبعده عن المرأة وليوقف الشائعات والحكايات عن زوجته ،إنه هو السميع العليم أى المجيب الخبير بكل شىء .
"ثم بدا لهم من بعد الآيات ليسجننه حتى حين ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إنى أرانى أعصر خمرا وقال الآخر إنى أرانى أحمل فوق رأسى خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين "المعنى ثم ظهر لهم من بعد العلامات ليحبسنه حتى وقت وولج معه الحبس رجلان قال أولهما إنى أشهدنى أعصر عنبا وقال الثانى إنى أشهدنى أرفع على دماغى خبزا تطعم منه الطير أخبرنا بتفسيره إنا نعلمك من الصالحين،يبين الله لنبيه(ص) أن القوم والمراد العزيز ومن يريد منع الفضيحة من الأهل بدا لهم من بعد الآيات والمراد ظهر له من بعد البراهين وهى إصرار زوجته على ارتكاب الزنى ومعرفته بكل ما قالته أن أفضل حل هو أن يسجن أى يحبس يوسف(ص)حتى حين والمراد حتى موعد هو نسيان المرأة لأمر يوسف (ص)ودخل معه السجن والمراد وسكن معه فى محبسه فتيان أى رجلان فحلما حلمين فقال أولهما :إنى أرانى أعصر خمرا والمراد لقد شاهدت نفسى فى المنام تصنع عصيرا مسكرا وقال الثانى إنى أرانى أحمل فوق رأسى خبزا تأكل الطير منه والمراد إنى شاهدت نفسى فى المنام أرفع على دماغى خبزا تطعم الطيور منه ،وقالا نبئنا بتأويله والمراد أخبرنا بتفسير الحلمين إنا نراك من الصالحين والمراد إنا نظنك من الصالحين وهذا يعنى أنهما يريدان تفسير حلم كل منهما والسبب أنهما يريان فيه رجلا صالحا.
"قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمنى ربى إنى تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون "المعنى قال لا يحضر لكما أكل تعطيانه إلا أخبرتكما بأنواعه قبل أن يحضر لكما ذلكما من الذى عرفنى إلهى إنى اعتزلت دين ناس لا يصدقون بحكم الله وهم بالقيامة هم مكذبون،يبين الله لنبيه(ص)أن يوسف أراد أن يثبت للفتيين علمه فقال لهما :لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله أى لا يحضر لكما أكل تعطيانه إلا أخبرتكما بأنواعه قبل أن يأتيكما أى يحضر لكما وهذا يعنى أنه سوف يخبرهم بأصناف الطعام التى سيحضرها الحرس لهما وذلك قبل أن يحضروها والغرض من إخبارهما بهذا هو إعلامهما أنه صادق ومن ثم عليهما أن يصدقاه فى دعوته للإسلام بعد ذلك وقال لهما ذلكما مما علمنى ربى أى هذا من الذى عرفنى إلهى وهذا يعنى أن هذا العلم ليس من عنده وإنما من عند الله فهو القادر وحده على هذا وقال لهما إنى تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله والمراد إنى بعدت عن طاعة ناس لا يصدقون بحكم الله وهم بالآخرة هم كافرون والمراد وهم بالقيامة هم مكذبون وهذا يعنى أنه يوضح لهما أنه قد اعتزل دين الكفار اعتزالا نهائيا وهذه هى بداية دعوته لهما للإسلام .
"واتبعت ملة آبائى إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شىء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون "المعنى وأطعت دين أبائى إبراهيم(ص)وإسحاق(ص)ويعقوب(ص)ما كان لنا أن نعبد مع الله من أحد ذلك من رحمة الله بنا وبالخلق ولكن معظم الخلق لا يعبدون الله ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوسف(ص)بعد أن بين للرجلين أن دين القوم باطل قال لهما :واتبعت ملة والمراد وأطعت دين أبائى إبراهيم(ص)وإسحاق(ص)ويعقوب(ص) ما كان لنا أن نشرك بالله من شىء والمراد لا يحق لنا أن نطيع مع دين الله من دين أخر ،ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس أى الإسلام رحمة لنا وللخلق وهذا يعنى أنه دين نافع للكل فى الدنيا والآخرة ولكن أكثر الناس لا يشكرون والمراد ولكن أغلب الخلق لا يطيعون دين الله وهذا يعنى أن المتبعين لدين الله عددهم قليل .
"يا صاحبى السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار "المعنى يا صديقى الحبس هل آلهة متعددون أفضل أم الله الأحد الغالب،يبين الله لنبيه(ص)أن يوسف(ص)سأل الرجلين فقال يا صاحبى السجن أى يا زميلى الحبس أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار والمراد هل آلهة متعددة أحسن أم الله الواحد الغالب؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله الواحد أفضل من الآلهة المتعددة التى ليس لها وجود لأن اختلافهم سيأتى على رءوس الخلق إن كان لهم خلق .
"ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون "المعنى ما تطيعون من غيره سوى أحكام اخترعتموها أنتم وآباؤكم ما أوحى الله بها من وحى إن القضاء إلا لله أوصى ألا تطيعوا إلا وحيه ذلك الحكم العادل ولكن معظم الخلق لا يشكرون ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوسف (ص)قال للرجلين :ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم والمراد ما تطيعون من غير الله إلا أحكام افتريتموها أنتم وآباؤكم وهذا يعنى أن الأحكام التى يطيعها الكفار هى من اختراع أنفسهم لأن لا وجود للآلهة المزعومة ،وقال ما أنزل الله بها من سلطان والمراد ما أوحى الله بطاعتها من وحى وهذا يعنى أن الله لم ينزل وحى يطلب فيه طاعة الأحكام المفتراة منهم ،إن الحكم وهو القضاء أى التشريع لله وحده أمر ألا تعبدوا إلا إياه والمراد أوصى الله ألا تطيعوا إلا حكمه المنزل فى وحيه ذلك الدين القيم والمراد أحكام الله هى الحكم العادل ولكن أكثر الناس لا يشكرون والمراد ولكن أغلب الخلق لا يطيعون حكم الله .
"يا صاحبى السجن أما أحدكما فيسقى ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الأمر الذى فيه تستفيان "المعنى يا زميلى الحبس أما أولكما فيروى ملكه عصيرا وأما الثانى فيقتل فتطعم الطيور من دماغه انتهى القول الذى عنه تسألان ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوسف(ص)بعد أن دعا الرجلين إلى الإسلام وأثبت لهما بإخبارهم بأصناف الطعام أنه صادق عاد إلى الإجابة عن سؤالهم السابق :يا صاحبى السجن أى يا صديقى الحبس أما أحدكما فيسقى ربه خمرا والمراد أما أولكما فيروى ملكه عصيرا وهذا يعنى أنه يعود لعمله ساقيا للخمر للملك ،وقال وأما الآخر وهو الثانى فيصلب فتأكل الطير من رأسه والمراد فيقتل فتطعم الطيور من دماغه وهذا يعنى أنه يقتل ويعلق على المصلبة ويترك حتى تطعم الطيور دماغه ،وقال قضى الأمر الذى فيه تستفتيان والمراد انتهى التفسير الذى عنه تسألان وهذا يعنى أنه أنهى تفسير الحلمين اللذين طلبا تفسيرهما،ونلاحظ هنا أن الحلم الأول فسر العصر بأنه يعنى العودة لوظيفة السقاية والخمر إشارة لوظيفة السقاية عند الملك وفى الحلم الثانى كان الخبز رمز للرأس المأكول والحمل هو الصلب.
"وقال للذى ظن أنه ناج منهما اذكرنى عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث فى السجن بضع سنين "المعنى وقال للذى علم أنه منقذ منهما تكلم مع ملكك عنى فأنسته الشهوة تكليم ملكه فبقى فى الحبس عدة سنوات،يبين الله لنبيه(ص)أن يوسف (ص)قال للساقى الذى ظن أنه ناج منهما والمراد الذى عرف أنه خارج حيا من الحبس من الرجلين :اذكرنى عند ربك والمراد تحدث عن قضيتى مع ملكك حتى يخرجنى من الحبس ،فلما خرج من السجن أنساه الشيطان ذكر ربه والمراد أغفلت الشهوة الحديث مع ملكه عن قضية يوسف(ص)فكانت النتيجة هى أن يوسف(ص)لبث فى السجن بضع سنين والمراد بقى فى الحبس عدة سنوات بسبب نسيان الساقى للحديث مع ملكه .
"وقال الملك إنى أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتونى فى رءياى إن كنتم للرؤيا تعبرون "المعنى وقال الحاكم إنى أشهد فى المنام سبع بقرات عظام يطعمهن سبع هزال وسبع سنابل طريات وأخرى جافات يا أيها الحاضرون أجيبونى فى منامى إن كنتم للمنام تفسرون ،يبين الله لنبيه(ص)أن ملك مصر وهو حاكمها حلم حلما فقال لمن حوله إنى أرى أى أشاهد فى الحلم سبع بقرات سمان أى كبيرات الحجم يأكلن أى يطعمن سبع عجاف أى هزيلات وسبع سنبلات خضر أى مليئات وأخر يابسات أى قليلات الحب يا أيها الملأ وهم الحضور أفتونى فى رءياى إن كنتم للرءيا تعبرون والمراد أخبرونى بتفسير حلمى إن كنتم للحلم تفسرون ،وهذا يعنى أنه طلب من القوم تفسير الحلم الذى حلم به إن كانوا يستطيعون التفسير .
"قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين "المعنى قالوا تخاريف منامات وما نحن بتفسير المنامات بعارفين ،يبين الله لنبيه(ص)أن الملأ ردوا على سؤال الملك فقالوا أضغاث أحلام والمراد تخاريف منامات وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين والمراد وما نحن بتفسير الرؤى بخبراء وهذا يعنى أنهم لا يدرون بعلم تفسير الأحلام ومن ثم فهم لا يملكون جوابا على سؤال الملك.
"وقال الذى نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون "المعنى وقال الذى أنقذ منهما وتذكر بعد مدة أنا أخبركم بتفسيره فابعثون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذى نجا منهما والمراد الذى خرج من السجن من الفتيين وقد ادكر بعد أمة والمراد وقد تذكر يوسف(ص)بعد نسيان مدة طويلة :أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون والمراد أنا أخبركم بتفسيره فابعثون إلى السجن وهذا يعنى أنه طلب منهم الإذن بزيارة السجن لزيارة مسجون سيفسر لهم الحلم فأعطوه الإذن.
"يوسف أيها الصديق افتنا فى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون"المعنى يوسف (ص)أيها الصاحب أجبنا عن سبع بقرات ضخام يطعمهن سبع نحاف وسبع سنابل خضر وأخرى جافات لعلى أعود إلى الخلق لعلهم يعرفون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الناجى وهو الساقى قال ليوسف(ص):يوسف أيها الصديق أى الزميل أى الصاحب وهو خطاب يشعر بالقرب بينهما :أفتنا والمراد أجبنا أى رد علينا فى حلم فيه سبع بقرات سمان أى كبيرات الحجم يأكلهن أى يطعمهن سبع عجاف أى نحاف والمراد صغيرات الحجم وسبع سنبلات خضر أى زاهيات يأكلهن سبع سنابل جافات لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون أى لعلى أعود إلى الخلق لعلهم يعرفون وهذا يعنى أن الرجل همه أن يعود ليخبر الملك بالجواب لأن هذا سيعود عليه بالحظوة عند الملك ولم يحدث يوسف (ص)عن إخراجه من السجن .
"قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتى من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتى من بعد عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون "المعنى قال تفلحون سبع سنوات متتابعة فما جمعتم فاتركوه فى غلافه إلا قليلا من الذى تطعمون ثم يجىء من بعد ذلك سبع جفاف يطعمن ما ادخرتم لهن إلا بعضا من الذى تدخرون ثم يجىء من بعد ذلك حول فيه ينجد الخلق وفيه يضغطون ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوسف (ص)بين للرجل أنهم يزرعون سبع سنين دأبا والمراد يفلحون الأرض سبع سنوات متتابعات وهذا يعنى أن السبع بقرات والسبع سنبلات الخضر هى رمز لسبع سنوات خصب ،كما بين لهم حل المشكلة وهو أن ما يحصدوه أى ما يجمعوه من المحاصيل عليهم أن يذروه فى سنبله والمراد أن يتركوه فى غلافه وهو ورقه المحيط به الذى خلق الله له لحمايته من الآفات ويستثنى من ذلك القليل الذى يأكلون وهو الذى يستخدمون فى طعامهم وبين للرجل أن بعد السبع سنوات الخصب تأتى سبع شداد أى سبع سنوات جفاف تندر فيها الزراعة وهذا يعنى أن السبع بقرات العجاف والسبع سنابل اليابسات رمز لسبع سنوات جفاف يجف فيها النهر كثيرا،وبين له أن السبع سنوات الجفاف يأكلن ما قدموا لهن أى يأخذن ما ادخروا من غذاء السبع سنوات الخصب وهذا يعنى أن محصول السنة الخضراء يكفى سنة أخرى معها وبين له أن الباقى من المحاصيل المدخرة هو القليل الذى أحصنوا أى ادخروا أى خزنوا ،ثم بين له أن بعد السبع الجفاف يأتى عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون والمراد ثم يجىء حول فيه ينجد البشر والمراد يعطيهم الله الكثير من الرزق وفى هذه السنة يعملون العصير من السوائل المختلفة كالزيوت والخمور