سورة الجن
سميت بهذا الاسم لذكر الجن بقوله "أنه استمع نفر من الجن ".
"بسم الله الرحمن الرحيم قد أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدى إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا "المعنى بحكم الرب النافع المفيد قد ألقى إلى أنه علم جمع من الجن فقالوا إنا علمنا وحيا عظيما يرشد إلى الحق فصدقنا به ولن نعبد مع إلهنا ربا آخر وأنه تعالت ذات إلهنا ما كان له زوجة ولا ابنا ،يبين الله لنبيه (ص) أن اسم الله الرحمن الرحيم أى إن حكم الرب النافع المفيد هو أنه أوحى إليه والمراد أنه ألقى له أنه استمع نفر من الجن والمراد أنه أنصت جمع من الجن فقالوا :إنا سمعنا قرآنا عجبا والمراد إنا أنصتنا لكتاب عظيم يهدى إلى الرشد والمراد يرشد إلى العدل فآمنا به والمراد فصدقنا بالقرآن ولن نشرك بربنا أحدا والمراد ولن نطيع مع حكم إلهنا حكم أحدا آخر وأنه تعالى جد ربنا والمراد وأنه تنزهت ذات خالقنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا والمراد ما كان له زوجة ولا ابنا ،وهذا يعنى أن الرب تنزهت ذاته عن الزوجية والأبوية ،وهذا يعنى أن الرسول(ص)لم يكن يعلم بسماع الجن للقرآن منه حتى أعلمه الله بذلك ومن ثم فهو لم يقابل الجن أبدا والخطاب حتى نهاية قصة الجن للنبى(ص)ومنه للناس
"وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا وإنا ظننا أن لن تقول الإنس ولا الجن على الله كذبا "المعنى وأنه كان يقول مجنونا على الرب كذبا وإنا اعتقدنا أن لن تقول الإنس ولا الجن على الرب باطلا،يبين الله لنبيه (ص) أن الجن الذين سمعوا القرآن قالوا :وأنه كان سفيهنا وهو مجنوننا والمراد إبليس يقول على الله شططا أى ينسب إلى الرب باطلا وإنا ظننا أى اعتقدنا أن لن تقول أى لن تنسب الإنس ولا الجن إلى الله كذبا أى باطلا ،وهذا يعنى أن سبب كفر الجن والإنس هو اعتقادهم أن لا أحد ينسب إلى الله باطلا فهو كفر سببه هذا الإعتقاد الخاطىء وأن السفيه وهو المجنون هو الذى كان يقول الباطل على الله .
"وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا "المعنى وأنه كان ذكور من الناس يحتمون بذكور من الجن فأكثروهم تعبا وأنهم اعتقدوا كما اعتقدتم أن لن يرجع الرب أحدا،يبين الله لنبيه (ص)أن الجن قالوا :أنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن أى أنه كان ذكور من البشر يحتمون بذكور من الجن والمراد أنه كان ذكور من البشر يعبدون ذكور من الجن فزادوهم رهقا أى فأكثروهم تعبا والمراد فنتيجة عبادتهم عذابا وأنهم ظنوا كما ظننتم والمراد وأن الكفار اعتقدوا كما اعتقدتم أيها الكفار من الجن أن لن يبعث الله أحدا والمراد أن لن يعيد الله مخلوقا إلى الحياة مرة أخرى .
"وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا "المعنى وأنا مسسنا السماء فلقيناها عبئت جندا كثيرا أى شهبا وأنا كنا نجلس منها مجالس للتصنت فمن يتصنت الآن يلق له حارسا مترقبا،يبين الله لنبيه (ص)أن الجن قالوا :وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا والمراد وأنا صعدنا لسور السماء فلقيناها جهزت بجند عظيم أى شهب وهى نار حارقة تخرج من النجوم،وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع والمراد وأنا كنا قبل القرآن نجلس عند سورها مجالس لتصنت أخبار الغيب فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا أى فمن ينصت لأخبار الغيب يلق له لسانا مهلكا،وهذا يعنى أن الله كان يترك الجن قبل نزول القرآن لتصنت أخبار الغيب ثم بعد نزوله حرم عليهم تصنت أخبار الغيب بالجلوس عند سور السماء وجعل عقاب المتصنت هو إهلاكه بالشهاب الراصد .
"وأنا لا ندرى أشر أريد بمن فى الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا "المعنى وأنا لا نعلم أضرر أريد بمن فى البلاد أم شاء بهم خالقهم نفعا،يبين الله لنبيه (ص)أن الجن قالوا :وأنا لا ندرى أشر أريد بمن فى الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا والمراد وأنا لا نعرف أأذى شاءه الله بمن فى الأرض أم شاء بهم إلههم خيرا؟وهذا يعنى أنهم لا يعرفون هل إهلاك الله للمتصنتين شر للناس أم خير مع أنه شر كما بين فى الوحى .
"وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا وأنا ظننا أن لن نعجز الله فى الأرض ولن نعجزه هربا "المعنى وأنا منا المسلمون ومنا غير هذا كنا فرقا متعددة وأنا اعتقدنا أن لن نغلب الرب فى الأرض أى لن نقهره فرارا،يبين الله لنبيه (ص)أن الجن قالوا :وأنا منا الصالحون أى المحسنون وهم المسلمون ومنا دون ذلك أى ومنا غير هذا وهم الكافرون،وهذا يعنى إنقسامهم لمسلمين وكفار ،وأنا ظننا أن لن نعجز الله فى الأرض والمراد وأنا اعتقدنا أن لن نقهر الرب فى الأرض وفسر هذا بقولهم ولن نعجزه هربا أى ولن نغلبه فرارا وهذا يعنى أنهم لن يقدروا على منع عذاب الله .
"وإنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا "المعنى وإنا لما علمنا الحق صدقنا به فمن يصدق بخالقه فلا يخشى ظلما ولا عذابا وأنا منا المطيعون ومنا العاصون فمن أطاع فأولئك طلبوا رحمة وأما العاصون فكانوا للنار وقودا،يبين الله لنبيه (ص)أن الجن المؤمن قالوا :وإنا لما سمعنا الهدى والمراد وإنا لما علمنا القرآن لقولهم سابقا"إنا سمعنا قرآنا عجبا"
آمنا به أى صدقنا بالقرآن فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا والمراد فمن يصدق بحكم خالقه فلا يخشى ظلما من الله أى ولا عذابا لأن المؤمن لا يعذب أى لا يظلمه الله حقا،وأنا منا المسلمون أى المطيعون لحكم الله أى "وإنا منا الصالحون"كما قالوا بنفس السورة ومنا القاسطون أى المخالفون لحكم الله وهم الكافرون فمن أسلم أولئك تحروا رشدا والمراد فمن أطاع حكم الله أولئك طلبوا رحمة الله وهى جنته وأما القاسطون وهم المخالفون لحكم الله فكانوا لجهنم حطبا أى فكانوا للنار وقودا مصداق لقوله بسورة البقرة "النار التى وقودها الناس" والخطاب وما بعده للناس إنس وجن
"وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا "المعنى وأن لو أطاعوا الدين لأرويناهم ماء عذبا لنمتعهم به ومن يتولى عن طاعة خالقه يدخله عقابا مستمرا ،يبين الله للإنس والجن :وألو استقاموا على الطريقة أى ولو سار الكفار على الإسلام لأسقيناهم ماء غدقا أى لأرويناهم ماء عذبا لنفتنهم فيه أى لنمتعهم به ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا والمراد ومن يبتعد عن طاعة حكم خالقه يسكنه عقابا مستمرا وهذا يعنى أن الكافر يدخل النار .
"وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا"المعنى وأن الطاعات لله فلا تطيعوا مع الرب أحدا وأنه لما استمر مملوك الرب يطيعه هموا يكونون عليه أذى،يبين الله للإنس والجن :وأن المساجد لله وأن الطاعات لأحكام وهى لأسماء الله مصداق لقوله بسورة الأعراف"ولله الأسماء الحسنى "فلا تدعوا مع الله أحدا والمراد فلا تطيعوا مع حكم الله حكم أحد أخر وأنه لما قام عبد الله يدعوه والمراد وأنه لما استمر مملوك الرب يتبع حكمه كادوا يكونون عليه لبدا أى هموا يصبحون له أذى والمراد أنهم أرادوا أن يؤذوه ولكنهم لم ينفذوا الأذى .
"قل إنما أدعوا ربى ولا أشرك به أحدا قل إنى لا أملك لكم ضرا ولا رشدا "المعنى قل إنما أطيع إلهى ولا أطيع معه أحدا قل إنى لا أقدر لكم على أذى ولا نفع ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول :إنما أدعوا ربى ولا أشرك به أحدا والمراد إنما أطيع حكم إلهى ولا أطيع مع حكم الله حكم أحد أخر ،إنى لا أملك لكم ضرا ولا رشدا والمراد لا أقدر لكم على عقاب ولا نفع مصداق لقوله بسورة يونس"لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا"وهذا يعنى أنه لا يقدر على جلب أذى أو نفع لهم والخطاب للنبى (ص)ومنه لهم
"قل إنى لن يجيرنى من الله أحدا ولن أجد من دونه ملتحدا إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا "المعنى قل إنى لن ينقذنى من الرب أحدا ولم ألق من سواه منقذا إلا طاعة لله أى لأحكامه ومن يخالف الرب ونبيه (ص)فإن له عقاب النار مقيمين فيها دوما حتى إذا شاهدوا الذى يخبرون فسيعرفون من أوهن وليا وأقل عددا ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :إنى لن يجيرنى من الله أحدا والمراد إنى لن ينصرنى على الله أحدا أى لن يمنع عذاب الرب أحدا إن كفرت به ولن أجد من دونه ملتحدا والمراد ولن ألقى من سواه منقذا إلا بلاغا من الله ورسالاته والمراد طاعة لله أى طاعة لأحكامه فالشىء الوحيد المنقذ من عذاب الله هو طاعة حكمه ،ومن يعص أى ومن يخالف حكم الله ورسوله (ص)فإن له نار جهنم أى فإن له عذاب الجحيم خالدين فيها أبدا أى مقيمين فى النار دوما ،حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا والمراد حتى إذا شاهد الكفار فى القيامة الذى يخبرون وهو العذاب فسيعرفون من أوهن جندا مصداق لقوله بسورة مريم"وأضعف جندا"أى وأذل وليا وأقل عددا والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص)
"قل إن أدرى أقريب ما توعدون أم يجعل له ربى أمدا عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شىء عددا "المعنى قل لا أعرف أدانى الذى تخبرون أم يجعله إلهى مستقبلا عارف الوحى فلا يعرف من وحيه أحدا إلا من قبل من نبى فإنه يرسل فى حاضره وفى مستقبله مراقبا ليعرف أن قد أوصلوا أحكام إلههم وعلم بالذى عندهم وسجل كل أمر تسجيلا،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :إن أدرى أقريب ما توعدون أم يجعل له ربى أمدا والمراد لا أعلم أحادث الآن الذى تخبرون وهو العذاب أم يجعله إلهى مستقبلا والمراد أم حدد له موعدا فى المستقبل وهذا يعنى أنه لا يعرف موعد القيامة ،عالم الغيب أى عارف أخبار الوحى الخفى فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول والمراد فلا يطلع على وحيه أحدا إلا من اختار من نبى وهذا يعنى أنه لا يخبر الوحى إلا لمن يختاره من الناس رسولا ،فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا والمراد فإنه يرسل فى حاضره وفى مستقبله مراقبا له والسبب ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم والمراد ليعرف أن قد قالوا للناس أحكام خالقهم وأحاط بما لديهم أى وعلم بالذى عندهم أى أحصى كل شىء عددا والمراد سجل كل أمر كتابا أى تسجيلا مصداق لقوله بسورة النبأ"وكل شىء أحصيناه كتابا"