الراحمون يرحمهم الرحمن
دأب كثير من البشر على التنصل من رحمة اخوانهم من البشر حتى أصبح هناك أمور فى المجتمع مقبولة من الكثيرين مثل امتناع الزوجة عن خدمة حماها وحماتها العجوزين بزعم أن هذا ليس واجبا عليها ولا هو مكتوب فى عقد الزواج ومثل جلوس الرجال فى حافلات النقل ووقوف النساء بزعم أنهم لا يعرفونهم أو لأن على المرأة تحمل مقولة المساواة المزعومة بين الرجل والمرأة ومثل وقوف العواجيز فى طوابير الخبز .
الرحمة واجبة على المسلمين والمسلمات تجاه بعضهم البعض كما قال تعالى بسورة الفتح "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " وتجاه البشر الإحسان وهو الرحمة واجبه بالذين لا يعتدون علينا ولا يظاهرون علينا غيرهم من الأعداء كما قال تعالى بسورة الحشر "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"
الرحمة إذا واجبة وقد قص الله علينا فى القرآن عدة قصص تبين هذا منها :
تسابق عقلاء بنى إسرائيل على كفالة مريم (ص) إلى حد الاختصام فهذه طفلة يتيمة لما مات أبوها أتى المسلمون العلماء فى القوم كل منهم يريد أن يكفلها رغم أن كفالتها واجبة على الأقارب فكان التسابق إلى الخير والاختصام فيه مشكلة حلها الله بإلقاء الأقلام فكان صاحب القلم المميز هو زكريا (ص) وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران :
"وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ "
موسى(ص) لما ذهب عند ماء مدين ووجد امرأتان وسط الرجال تر يدان سقى الغنم والرجال قد نزعت الرحمن من قلوبهم قام على الفور رغم ما به من تعب السفر وسقى للفتاتين دون أن يكون بينه وبينهم سابق معرفة ولا حتى اتحاد فى الدين وفى هذا قال تعالى بسورة القصص :
"ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما "
ذو القرنين(ص) ساعد قوما كفار فبنى لهم سدا ليحجز عنهم خطر يأجوج ومأجوج دون أن يكونوا على دينه وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف :
"حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَٰلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)"
فمع أنهم لا يفقهون أى لا يطيعون كلام الله ساعدهم لكى يمنع عنهم ظلم يأجوج ومأجوج
ومن ثم فرحمة بعضنا بعضا كبشر وكمسلمين واجبة ومن يترك المساعدة وهو قادر عليها فهو آثم يستحق العقاب وقد أخبرنا الله أن الشاهد على وصية ظالمة لا يجب أن يشهد عليها ويأمر الموصى بتعديلها فإن شهد على الظلم عوقب بسبب سكوته على الظلم وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة :
" فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم"
فالإثم هنا بمعنى العقاب فالمصلح لوصية الموصى الظالمة لا عقاب عليه وأما المقر بما فيها فيستحق العقاب على جريمته الشهادة على ظلم والمراد الإقرار به
ومن ثم فمن يرى ظلما أو ضررا يحيق بإنسان ويتركه فهو مجرم يستحق العقاب فمثلا من يترك الأعمى يعبر الطريق وهو معرض للسقوط أو للاصطدام بشىء هو مرتكب لجريمة تتنوع حسبما يحدث للأعمى فإن قتل فإنها تكون جريمة قتل خطأ من قبل من تركه يعبر ولم يأخذ بيده وإن أصيب بجراح أو كسور وجب عقاب من تركه يعبر ولم يأخذ بيده بأن يدفع ثمن علاج الجروح أو الكسور ومن تركت حماتها العجوز المصابة بالنسيان أو ما يسمى حاليا الزهايمر تخرج من البيت فصدمتها سيارة أو وقعت بسبب ضعف نظرها أو تاهت فى البلد أو البلاد فإنها تعاقب بعقاب جريمة القتل الخطأ فى حالة وفاة المرأة وتعاقب بدفع تكاليف علاج حماتها والسهر عليها حتى تشفى وتكلف بالبحث عنها فى البلد حتى تجدها أو تدفع من مالها ثمن بحث الشرطة أو الجهة المكلفة بهذا من وقود سيارات وغيره
عقاب هنا من ترك رحمة غيره فلم يقيه الأخطار هو منع لتفكك المجتمع فلو أن كل واحد عمل لنفسه وترك الأخرين فإن المجتمع لا محالة سيصبح جزرا منعزلة ويسهل ضربه والقضاء عليه وكل واحد أو واحدة لو فكر لوجد أنه معرض فى أى وقت لأن يكون أعمى أو عجوزا او مريضا أو محتاجا ومن ثم كما يحب أن يفعل الناس له فى تلك الحالة عليه أن يفعل بالناس