قوانين الحركة :
ينص القانون الأول للحركة على أن كل جسم يظل على حالته من السكون أو الحركة المنتظمة فى خط مستقيم ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تغير من حالته وينسب القانون لنيوتن مع أن أهل بلاد الإسلام قالوا به منذ قرون فمثلا ابن سينا يقول "إنك لتعلم أن الجسم إذا خلى وطباعه ولم يعرض له من خارج تأثير غريب لم يكن له بد من موضع معين وشكل معين فإذن فى طباعه مبدأ استيجاب ذلك والجسم له فى حال تحركه ميل (أى مدافعة )يتحرك به ويحس به الممانع ولن يتمكن من المنع إلا فيما يضعف ذلك فيه وقد يكون من طباعه وقد يحدث فيه من تأثير غيره فيبطل المنبعث عن طباعه إلى أن يزول فيعود انبعاثه "نقلا على كتاب أعلام الفيزياء لعلى عبد الله الدفاع وجلال شوقى والقانون فى صياغة نيوتن يحمل أخطاء هى :
-زعمه أن السكون أو الحركة لا تتغير إلا بقوة خارجية والحق أن التغير من السكون أو الحركة يحدث إما بقوة الشىء ذاته أى القوة الداخلية أو بقوة من خارجه أى القوة الخارجية وقد فهم ابن سينا هذا بقوله "وقد يكون من طباعه – أى التغير من ذاته –وقد يحدث فيه من تأثير غيره "وإلى هذه الحقيقة يشير قوله تعالى بسورة فصلت "ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين "والمراد أن الحركة التغيرية إما حركة طوع أى برضا الشىء وإما حركة كره أى بقوة إجبارية من الخارج وتسمى حركة الطوع حركة طبيعية وحركة الكره حركة قسرية وقد أشار لهذا أبو البركات هبة الله ابن ملكا البغدادى فى كتابه المخطوط المعتبر فى الحكمة "فإن الحركة إما طبيعية وإما قسرية والقسرية يتقدمها الطبيعية لأن المقسور إنما هو مقسور عن طبعه إلى طبع قاسره فإذا لم يكن حركة بالطبع لم يكن حركة بالقسر والطبيعية إنما تكون عن مباين بالطبع إلى مناسب بالطبع وإلى مناسب أنسب من مناسب ".
-زعمه أن الحركة المنتظمة تكون فى خط مستقيم والحق أن الحركة المنتظمة لها أشكال عدة منها الحركة الدورانية لحركة النجوم فوق مركزها والحركة الذبذبية فى المكان وهى حركة صاعد نازل أو خارج داخل – وقد كان ابن سينا أدق فى تعبيره القائل "لم يكن له من بد من موضع معين وشكل معين "وقوله "وليست المعاوقة للجسم بما هو جسم بل بمعنى فيه يطلب البقاء على حاله من المكان أو الوضع "فقوله موضع معين وشكل معين وقوله على حاله من المكان أو الوضع بدون تحديد لنوع السكون أو لنوع الحركة يشمل أنواع الأوضاع السكونية والحركية وهو الصواب .
-زعمه أن القوة الخارجية تغير دائما من حال الجسم والحق أن القوة الخارجية لها مع الجسم حالين :
الأول التأثير على الجسم ،الثانى عدم التأثير على الجسم وذلك مثل المذنبات فإنها لا تؤثر على الشمس إذا مرت بجوارها وإنما الشمس تؤثر عليها مع أن المذنبات تقطع عليها خط سيرها أو بالأحرى تمر من أمام خط سيرها ومثل عدم تأثير قبضة يد الإنسان على الصخر عند ضربه بها فالقوة الخارجية وهى يد الإنسان هى التى يحدث فيها تأثير من الصخر وهو الوجع - وإن كان هذا لا يمنع من وجود تأثير هين لضربة اليد –ولكنه لا يزحزها من مكانها .
وهذا القانون ينطبق على الأشياء التى عملتها يد الإنسان وخلقها الله من آلات وعدد كالسيارات والقاطرات وأما مخلوقات الله فى الكون فلا ينطبق عليها سوى فى عدد قليل منها وأما القانون الثالث للحركة وهو "لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه "وهو منسوب لنيوتن وقد أشار له فخر الدين الرازى فى كتابه المباحث الشرقية فى علم الإلهيات والطبيعيات بقوله "الحلقة التى يجذبها جاذبان متساويان حتى وقفت فى الوسط لاشك أن كل واحد منهما قد فعل فيها فعلا معوقا بفعل الأخر ثم لاشك أن الذى فعله كل واحد عنهما لو خلى عن المعارض لاقتضى اجتذاب الحلقة إلى جانبه "وهذا النص هو صياغة لقانون الاتزان تحت تأثير قوتين متساويتين وهو قانون لا يصلح لتعميمه على مخلوقات الكون الظاهرة وذلك لأنه لا ينطبق على بعضها فمثلا لو رمينا جسم فى البحر فإن هذا الجسم سينزل لقاع البحر ولن يرجع فى الاتجاه المضاد ومثلا لو رمينا جسم من الحديد على لوح زجاجى فإنه سيحطمه ولن يكون التحطم فى الاتجاه المضاد فقط وإنما فى اتجاهات متعددة من بينها الاتجاه المضاد وكذا لا يصلح للتعميم على ما صنعته يد الإنسان وخلقه الله فمثلا لو وضعنا كرة مصنوعة من الحديد فى مكان ما ثم ضربناه بكرة مثلها فإنها ستسير فى اتجاه الكرة التى ضربت ولكنها لن ترجع إلى الاتجاه المضاد حتما وأخطاء هذا القانون هى :
-زعمه أن الفعل يساويه رد الفعل دون أن يحدد لنا كيف نحسب مقدار الفعل ومقدار رد الفعل وهذا الزعم ينفيه أن الفعل لا يستلزم رد فعل وإنما قد يكون له رد فعل وقد لا يكون وأيضا رد الفعل فى أحيان لا يساوى مقدار الفعل وذلك مثل ضرب الكرة بشدة ومع هذا فإن الكرة تسير ببطء رغم هذه الشدة .
زعمه أن رد الفعل يكون فى الاتجاه المضاد وهو زعم ينفيه أن رد الفعل ينقسم لرد فعل مضاد ورد فعل فى نفس اتجاه الفعل ورد فعل فى أى اتجاه .
وأما القانون الثانى فيحتاج لإجراء التجارب لإثباته أو نفيه .
والحركة فى الوحى هى انتقال الجسم من مكان لأخر ومن أمثلته جريان الشمس لمستقرها مصداق لقوله بسورة يس"والشمس تجرى لمستقر لها " وجريان القمر حتى يعود لمكانه الأول كالعرجون وفى هذا قال بسورة يس"والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم "أو تغير هيئة الجسم من وضع معين لوضع مختلف عنه ومن أمثلة التغير انتقال الشهاب من النجم حيث ينفصل جزء هو الشهاب عن النجم فيغير شكله وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات "إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب "فهنا نسب الإهلاك للشهاب ونسبه فى قوله بسورة الملك"ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين "للنجوم وهذا يعنى أن الشهاب جزء من النجم ينفصل عنه ومن الأمثلة أيضا انتقال اللسان من وضع الثبات فى الصمت إلى الحركات المختلفة فى الفم وفيه قال بسورة القيامة "ولا تحرك به لسانك لتعجل به"ويسمى هذا التغير انتقالا ثباتيا لأن اللسان ثابت فى الفم من ناحية ومتحرك من الناحية الأخرى من غير انفصال وأما أنواع الحركة فهى :
الحركة الطوعية التى تحدث بإرادة الشىء المتحرك والحركة الإكراهية أى القهرية التى تدفع فيها قوة خارجية الشىء للتحرك وإلى هذا يشير قوله بسورة فصلت "ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين "
وأما أوضاع الحركة الكونية فهى :
-الحركة الفلكية الدورانية حيث يدور الشىء فوق أو حول شىء أخر وإليها يشير قوله بسورة يس "وكل فى فلك يسبحون ".
-الحركة النزولية أى السقوطية وفيها يسقط الشىء من أعلى لأسفل وفيها قال تعالى بسورة الأنعام "وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين "وقال بسورة سبأ "يعلم ما يلج فى الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ".
-الحركة الإخراجية أى الصعودية العروجية وفيها يصعد الشىء من أسفل لأعلى وفيها قال تعالى الآية السابقة .
وعليه فالشىء إما يدور وإما ينزل وإما يصعد وإما يسير فى اتجاه معين وكل حركة من هذه الحركات ليس لها صورة واحدة فصور الوضع الفلكى هى :
الدوران فى مدار مستوى ،الدوران فى مدار متعرج .
وصور الوضع السقوطى هى : السقوط العمودى والسقوط المائل لجهة والسقوط المتهاوى أى المتعرج حيث يأخذ شكل منحنيات .
وصور الوضع العروجى هى :
العروج العمودى والعروج المائل لجهة والعروج المنحنى .
وصور الوضع السيرى فهى :
السير للأمام أو الخلف أو للجنب .
وأما أسباب الحركة فهى :
-أسباب الوضع الدورانى هى القيام بالمهام الموكلة للشىء فمثلا لولا التزام الشمس بمدارها المتعرج ما نتج الاختلاف فى درجات الحرارة ولولا التزام الشمس والقمر بمدارهما ما نتج اختلاف الليل والنهار واختلاف الفصول ويسمى هذا السبب التسخير وهو يشمل كل شىء عدا حركة الإنس والجن وفى هذا قال بسورة النحل "وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره " .
-أسباب الوضع السقوطى هى :
أ-ثقل الشىء الساقط فالثقل يغلب الهواء حيث يترك له مكانه حتى يستقر على الأرض .
ب-الريح وهى الهواء المتحرك وهى تعمل على زيادة سرعة الشىء الساقط وفيها قال بسورة الحج"أو تهوى به الريح فى مكان سحيق ".
-أسباب الوضع الصعودى هى :
أ-الخفة فالشىء الخفيف يخترق الهواء صاعدا يدفعه الهواء نفسه أو يخترق الماء صاعدا يدفعه الماء .
ب-التيار الهوائى الصاعد يدفع الأشياء لأعلى .
ج-الموج الداخلى فى المجارى المائية يرفع الأشياء لأعلى .
وأما الإنتقالات وهى الخروج من أمر والدخول فى أمر أخر فهى تنقسم للتالى :
-انتقال من السكون للحركة ومثاله خروج الحى من الميت أى إنفصال الحى عن الميت
-انتقال من الحركة للسكون .
-انتقال من حركة لحركة أخرى .
-وتحريك الإنسان للأشياء يكون إما بالجر أو بالدفع أو بالرفع وأما سير الدواب فهو إما على البطن أو على رجلين أو على أربعة أرجل وفى هذا قال تعالى بسورة النور "والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشى على بطنه ومنهم من يمشى على رجلين ومنهم من يمشى على أربع ".
ومن قوانين الحركة :
-قانون الدافع المحرك فالجسم يتحرك من نفسه طوعا وإما بقوة خارجية .
-قانون القوة الخارجية التى إما تحرك الجسم وتؤثر عليه وإما لا تحركه ولا تؤثر عليه وإما لا تحركه من مكانه وتؤثر عليه .
-قانون الخفة والثقل فى السرعة .
-قانون الصدام بين الأجسام حيث يحرك أحد الجسمين الأخر فى اتجاه مضاد أو غير مضاد أو فى عدة اتجاهات وحيث يؤثر أحدهما فى الأخر .